كتب/خطاب معوض خطاب
الفنان أمين الهنيدي واحد من أفضل وأجمل الفنانين الذين دخلوا قلوب المشاهدين، ومن أفضل وأعظم الأدوار التي أداها الفنان أمين الهنيدي طوال حياته دور “الشيخ علام” في مسرحية “حلمك يا شيخ علام”، والتي تغير اسمها بسبب الرقابة إلى “حلمك يا سي علام”، وهذه المسرحية عرض مؤلفها “أنيس منصور” موضوع الخرافات والدجل والشعوذة، وقراءة الكف والطالع والمستقبل، كما عرض المشايخ الذين يدعون معرفة هذه الأمور، وانتقدها بشدة مبينا أنها ما هي إلا خرافات وخزعبلات.
الفنان أمين الهنيدي ويا للعجب ذهب يوما لأحد هؤلاء المدعين بناء على نصيحة بعض المقربين منه، لأنه كان يعاني من إحساس لا يفارقه بقرب موته ودنو أجله، والأعجب أن هذا الشيخ المدعي قد أكد له أحاسيسه وأخبره بأنه سيمرض مرضا شديدا يكون سببا لوفاته، فتسبب كلامه في اكتئاب الهنيدي وابتعاده عن دنيا الفن والفنانين والناس كلها لفترة طويلة، لكنه عاد بعدها مرة أخرى لممارسة هوايته المفضلة “التمثيل”.
الفنان أمين الهنيدي كانت حياته مثيرة للتعجب منذ بدايتها، فقد اختلفت المصادر في تحديد تاريخ ميلاد الفنان أمين الهنيدي، فهناك من ذكر أنه ولد في يوم 1 أكتوبر سنة 1925م، وهناك من أشار إلى أنه ولد في يوم 24 أكتوبر، وهناك من ذكر أنه ولد في يوم 25 أكتوبر، بينما ذكرت جريدة المصري اليوم وجريدة النهار الكويتية أن الفنان أمين الهنيدي قد ولد بالمنصورة في يوم 24 ديسمبر سنة 1925م.
وأمين الهنيدي كان قد التحق بكلية الآداب لكنه تركها ثم التحق بكلية الحقوق التي تركها أيضا ليلتحق بالمعهد العالي للتربية الرياضية بالأسكندرية، وبالفعل تخرج فيه وكان أول دفعته في سنة 1949م، وعين الهنيدي مدرسا للتربية الرياضية بمدرسة النقراشي الثانوية وتدرج في المناصب حتى أصبح مديرا عاما للنشاط الرياضى بوزارة التربية والتعليم.
وانضم الهنيدي لفرقة الريحاني المسرحية واشترك معهم في مسرحية واحدة ثم سافر بعدها للسودان، حيث التقى هناك الفنان محمد أحمد المصري “أبو لمعة” وكونا فرقة مسرحية قدمت أعمالها بالنادى المصري بالخرطوم، وبعد عودته التقى الهنيدي الفنان عبدالمنعم مدبولي الذي ضمه لبرنامج “ساعة لقلبك” حيث قدم الهنيدي شخصية “فهلاو” الفلاح الساذج واشتهر من خلالها، ثم التحق بعد ذلك بفرقة تحية كاريوكا المسرحية، ثم انضم لمسرح التليفزيون الذي قدم من خلاله عدة أعمال ناجحة، ومن أشهر أدواره المسرحية شخصية الشيخ علام في مسرحية “حلمك يا سي علام” وشخصية الحانوتي في مسرحية “أصل و صورة” وشخصية المدرس عبدالمتجلي سليط في مسرحية “لوكاندة الفردوس”، بالإضافة إلى مسرحية “غراميات عفيفي” ومسرحية “جوزين وفرد” وآخر أعماله المسرحية “عائلة سعيدة جدا” وغيرها.
كما قدم الهنيدي للسينما عددا من الأفلام الكوميدية التي صنعت له شهرة كبيرة مثل أفلام: “شنطة حمزة” و”أشجع رجل في العالم” و”7 أيام في الجنة” و”زوجة من باريس”، و”شهر عسل بدون إزعاج” الذي اشتهر فيه بقوله: “جلبي هيفط مني يا منير يا ولدي”، ودور “تحفس أفندي” في فيلم “غرام في الكرنك”، ولكنه في آواخر أعماله السينمائية كانت اختياراته بعيدا عن الكوميديا مثل: “طائر على الطريق” و”القرش” و”القطار”، بالإضافة إلى دوره في فيلم “الحدق يفهم”.
ومن المعروف أن الهنيدي كان يقدم مسرحية “عائلة سعيدة جدا” ويضحك المشاهدين بينما هو يكتم آلامه بداخله، حيث أنه كان قد أصيب بمرض السرطان وأجرى جراحة في الرئة والفم بلندن، غير أن هذه الجراحات لم تخفف من آلامه شيئا، فدخل أحد المستشفيات بالقاهرة وكان علاجه على نفقة الدولة، وتوفي أمين الهنيدي بالمستشفى الذي قام مسئولوه باحتجاز جثمان أمين الهنيدي حتى دفعت أسرته مبلغ 2000 جنيه وهو المبلغ الذي زاد عما كان مخصصا لعلاجه على نفقة الدولة، وهكذا كانت نهايته ووفاته في يوم 3 يوليو سنة 1986م عن عمر ناهز الستين عاما.