شعر وحكاياتعام
بالأمس كانوا هنا….
بقلم: لميا مصطفى
حين اقترب بسيارته من إحدى الأماكن التى كان يرتادها مع حبيبته منذ سنين انتابه. الفضول لأن يذهب إليه مرةً أخرى ولكن هذة المرة بمفرده فأوقف السيارة واقترب منه. وبدأ يتحسس بقدميه الأرض و بخطى بطيئه بدأ السير وكأنه سوف يراها في انتظاره،وعينيه تتجول فى كل مكان تريد أن تقول لكل شبر فى المكان لقد جئت مرة أخرى هل تذكُرُنى؟ بل هل تذكُرُنا؟
بالأمس كنّا هنا،وكنت مكاننا المفضل الذي لا نختلف عليه أبداً ويحاول أن يستنشق هواءً عسى أن يجد نفس هواء الماضي ولكن كل شيء يأتي عكس ما تمنى،ويتذكر عندما كانا يُرتبان أماكن لقاءاتهما وكلٌ منهما يُحاول أن يجتذب الآخر فكان هذا المكان القاسم المُشترك بينهما الذي لا يختلفان عليه أبداً،حين كان يدعوها إلى قضاء بعض الأُمسيات فكانت لا تمانع خصوصاً إذا كان هنا فى هذا المكان،ووصل إلى المقهى الخاص بالمكان فوجده قد تغير قليلاً عما كان حتى يظل محتفظاً بنفس طابعه العربي الذي يُشعرك بالدفء والسكينة وقد طلب النادل يتناول فنجانا من القهوة وهو يستنشق عبير الذكريات، يتذكر آخر حديثٍ دار بينهما حين حاولت حبس دموعها ولَم تستطع وفضحت عيناها ما كتمته بداخلها فإعتبراه إعترافاً صريحاً بالحب فكانت تُقسم له أنها أحبته بل لا تطيق الحياة بدونه، كيف أنهم تلاقيا في صفات كثيرة وكيف إتفقا،وكيف كان كلٌ منهما مرآة للآخر،عهود كثيرة أبرموها وحياة طويلة قد رسما ملامحها ولكن أتت النهاية مُبكراً ودون إستعداد فهو شاب من أُسره ميسورة الحال وفتاته فى حال أيسر منه ويتذكر حين قال لها كيف تكونين لي وجمالك وثرائك يؤهلك لمن هو أفضل مِني وكيف أقوى على المسؤوليات الحياتيه الجِسام ونحن كدنا أن ننتهي من دراستنا الجامعيه،أما الزواج فله ترتيباته التى يجب وأن نحترمها خصوصاً وأنتم من مُستوى عائلي بالتأكيد والدك يُفضل لكِ عريساً مُقتدراً،فماذا يفعل بشخص حديث التخرج بتقدير جيد جداً!
دعينا نكون أعقل من ذلك بل إننى أُحافظ عليكِ ولكنك لن تُدركي ذلك الأن، ولكنها حاولت ألا يستسلما لضعفهما من ناحية ولقوة أبيها من الناحية الأُخرى،وشجعته أن يُقابل والدها ليطلبها منه بشكل مبدئي فرضخ لطلبها رغماً عنه بل أنه كان مُتأكد من النتيجه،وفجأة توقف شريط الذكريات ليفيق على جرس هاتفه الذى أحياناً يُنقذه من سيل ذكرياته التى تُسيطر على عقله،ويعود إلى البيت منهكاً من هذه الزيارة الغير مُتوقعه ليستقل الفراش إستعداداً للنوم واستقبال يوم عمل جديد.
ولكنه لم ينعم بالنوم فتأثير زيارته لمكانهم القديم كان أقوى من أى شعور بالنوم، ليعود ويتذكر برغم مرور السنين عندما قابل والدها وكان من أصحاب أحد الصناعات الشهيرة ليتقدم لإبنته بشكل مبدئي كما اتفقا واستقبله والدها بشكل طبيعي وحين علم بمقصده رفضه وبشده وطلب منه نسيان الموضوع وحدثه بأن رحم الله إمرئ عرف قدر نفسه فجرح كرامته و اعتذر وانصرف، ثم تحدث مع حبيبته التي كانت تنتظر نتيجة المقابلة بفارغ الصبر وأخبرها بما حدث تفصيلياً وأن كل ما دار كان يتوقعه وردت عليه : تستسلم بهذه السهولة ؟؟
تابعونا بالحلقة الثانية غدا… بالأمس كانوا هنا