كتبت الدكتورة / أسماء حسين التنجي
بداية فكر “ريجيو إميليا”
إن بداية ظهور وتطور مدخل “ريجيو اميليا في “مدينة “ريجيو إميليا” المعروفة فى جميع أنحاء إيطاليا بوصفها مدينة يسهل العيش فيها، تتصف بانخفاض نسبتى البطالة والجريمة، وارتفاع مستوى المعيشة لقاطنيها، كما تتميز بالمؤسسات الحكومية المحلية الفعالة، وتوافر الخدمات الاجتماعية ذات الجودة العالية.
ويعيش بهذه المدينة العالمية حوالي 130000 شخصاً يقطنون بمنطقة “إيميليا رومانيا” الواقعة بشمال إيطاليا، وعلى مدار السبعين سنة الماضية أنتج نظامها المطبق بالروضات مجموعة مميزة ومبتكرة من الافتراضات الفلسفية والمناهج وطرق التدريس، وتصميم البيئات المدرسية للتعليم بالروضات والتي إذا تم ضمها معاً كوحدة موحدة أصبحت تعرف بمدخل “ريجيو إميليا”.
وترجع بدايات مدخل “ريجيو إميليا” إلى ما بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية بستة أيام عندما سمع ” لوريس ملا جوزي” وهو معلم إيطالى شاب يعيش بقرية تسمى ( فيلا سيلا)، وهي على بعد أميال من مدينة ” ريجيو إميليا”، أن الأهالى فى هذه المدينة يقومون ببناء روضة يديرها العامة وينفقون عليها من ثمن بيع دبابة حربية وبعض العربات والجياد والتي تركها الألمان خلفهم بعد انتهاء الحرب، وعُرض على الشاب المعلم ” لوريس ملا جوزي” أن يشترك معهم في العمل بالمدرسة فوافق، وكان هذا الشاب أحد أسباب انتشار تلك الروضات التي يديرها الأهالي في إيطاليا خاصة في الأحياء الفقيرة .
وكان ” ملا جوزى” لديه توجهات أكاديمية وثقافية نحو تعلم الأطفال، وتحول شغفه المؤقت بل اللحظي لبناء روضة جديدة إلى عشق للأطفال الصغار دام مدى الحياة، وهو يمثل العبقرية المرشدة لروضات ” ريجيو إميليا”، حيث كرس حياته لإقامة مجتمع تربوي مع مجموعة متميزة من المعلمين الذين عملوا مع أهالى الأطفال وأعضاء المجتمع لإقامة نظام تربوي يعمل بفاعلية مع الأطفال الصغار مع البحث في طرق التعلم المثلى للأطفال، والتي كانت عند ظهور هذا النوع من التعليم تحت سيطرة كل من الدولة والكنيسة، الذين لم يظهروا أى اهمية باحتياجات الأطفال واهتماماتهم الفعلية، بل يقدم التعلم لهم كمعلومات معلبة.
ويمكن تلخيص فكرة ” لوريس ملا جوزى” فى تعلم الاطفال بالروضة على أنه منظومة عامة تهدف إلى الجمع بين الرفاهية وتوفير التعليم والحقوق الأساسية الخاصة بالطفل، مع مراعاة الاحتياجات الاجتماعية للعائلات.
وبدأ هذا النظام بالتطور من خلال تعاون الأهل مع المعلمين، وتم دعم الهيئات الرسمية لمدينة ” ريجيو إميليا”، حتى لاقى مدخل “ريجيو اميليا” نجاحا في إيطاليا وأوروبا واستراليا وأمريكا وآسيا، ومما يؤكد الاهتمام بهذا البرنامج، أن عدد زوار مدارس ” ريجيو إميليا ” بلغ ثمانية عشر ألف مرب وخبير وباحث تربوي من تسعين دولة بغرض التعرف علي تلك الفلسفة، والاطلاع عن كثب على آليات تطبيقها وتجربتها في ميدان الطفولة المبكرة.
ونجد أن برنامج “ريجيو إميليا” يقدم رؤية مختلفة عن باقي الرؤى التربوية المهتمة بالطفولة المبكرة، وقد لاقى رواجاً في الأوساط التعليمية العالمية المهتمة في هذا المجال نظراً للنجاح الباهر الذي حققه في تعليم الأطفال وإكسابهم معلومات ثقافية واجتماعية وعلمية مختلفة عن طريق عدة أساليب، تعتمد في مجملها على العمل الجماعي التعاونى والتعلم بأسلوب المشروعات، والتفاعل بين المعلمين والأطفال، والتركيز على الطفل نفسه كمصدر للمعلومات ، وتنطلق عملية التعلم من اهتمامات الطفل