كتبت فردوس عيسى
اعتدنا جلوس القرفصاء حول جدتي _رحمها الله_ لتحكى لنا عن التُراث العائلي بشتى أنواعه ،فتغوص بنا وبذاكرتنا حول الحياة التى عاشتها وعن الزمن الذى نراه بأعين المحبين لما فيه من بساطة وحياة وزمن جميل .
كانت جدتى تسرد لنا حكاوي قديم الزمان بكل سلاسة وبراعة فى التشويق لا أخفيكم سراً كنت أراها تُراثا يحيا بيننا ،فيذكرنا بما هو جميل عشناه أو حتى نسمع عنه فقط .
لم تكن _رحمها الله_ ممن هابوا عصر الاختراعات ونتائجه فكانت حاملة للهاتف النقال مجيدة التعامل معه ،وأيضا كانت تجلس بجواري بساعات وأنا أقلب شاشة الكمبيوتر خاصتنا على اتصال بعالم الإنترنت العميق ،كانت تشاطرني الكثير والكثير من عالمنا المعاصر وكنت أنا استمع لها وللتُراث التى ابدعت فى نقله لي .
هى من أخبرتنى قصة أبي وأمي وأيضا قصتها مع جدي ،وقصص كل أهل العائلة مما يسر لي فهم أوضاعهم الحالية .
إذا شكى جسدي من شئ كنت أتجه لجدتى فقط لتحلل مابي وتنصحني بعلاج طبيعي خاص به ،وكان دائما علاجها يفلح .
أما الٱن بعد رحيل جدتى لا أعلم كيف ساأتعايش بدونها وبدون تُراثها الجميل بكل تفاصيله التى رسمها الزمن على تبسمات جدتى وعلى ملامحها التى شاخت ، لا أعلم من سيهاتفنى ثانيةً ليخبرني أنه اشتاق إلي ويطلب قدوم زيارتي ، من سيغريني بطعامي المفضل مرة أخرى ياجدة ؟.
مع من سأجلس استمع منه للتُراث وخبايا الماضى وابتسم ،من سأسأله إذا صدّع رأسي مرة أخرى أو وجع بطني فيجيبني من ياجدة من؟ ..!
كنت أتمنى أن أزفك بالأبيض لبيت الله الحرام كما وعدتك بثوب الإحرام هدية منى ، وأن تزفينى أنتِ بالأبيض لبيت الزوجية .
مهما قالوا أنك كبيرة العمر وقد عشتي ماشاء الله لكني لم أشبع منكي بعد لم أخزن من تُراثك مايكفي .
دفنتيِ فى التراب كما سيدفن الجميع ياجدة وزرفت الدموع عليكي كما الكل وبلّت ألسنتنا بالدعاء وطلب الإجابة من الله لكي ولكل أموات المسلمين …لكن من سيحكي لي أنا ،بمن سأستعين مرة أخرى .
كيف السبيل إلى الحياة بدونك وبدون جميل حديثك كيف ياالله.؟
يتردد صوتك فى مسامعي وأنتي ترددىن إنشاد أحبابك الراحلين والباقين واستعجب أنا لهذا لأفهم الٱن أننا نستوحي صبرنا بإنشادهم وصرتي الٱن من أحبابنا الراحلين .
مؤكد التقيتي بهم وهونوا عليكي وحشة قبرك وأنسوا وحدتك رحمك الله ورحمهم آجمعين.
الموت ليس جديدا علي ياجدة لكن لكل فقد وجعه الخاص ….
عندما رحلت جدتي رحل معها التراث ،والماضىي.
رحلت معها الحكايا والقصص ،والأساطير والحكم رحل معها الوصل بين الماضي والحاضر فرحلت لتتركنا نتخبط الذكريات بحثا عن تراث يلائم وجودنا.
رحلت جدتى واصبح عنوانها قبر و زيارتها دعاء