كتبت دكتورة: نبيلة متولي
على لسان بنوته صغيره لأمها مامى انتِ ليه مش زى ناناة…
**************
«مامى هو انتِ ليه مش زى ناناة؟»
سؤال سألتهولى بنتى وإحنا بنتغدى، سؤال معرفتش أجاوب عليه غير بكلمة «معلش حقك عليا»..
ابتسمت وقالت: «برضو مقلتليش انتِ ليه مش زيها؟»،
ابتديت أفقد أعصابى ما أنا برضو تعبانة فى شغل البيت وتوصيل المدرسة والمذاكرة والطبيخ والشغل وتمريناتها وعايزاها تخلص غداها عشان ألحق أخلص معاها «الهوم وورك»
وألحق ألبسها، وأنزلها التمرين، وألحق أرجع أعشيها، وألحق أنيمها، وألحق أروق البيت، وألحق، ألحق، فرديت عليها بعصبية وقولتلها: «نتكلم بعدين خلصى يلا غداكى».. قالتلى: «عرفتى بقى إنك مش زى ناناة! ناناة عمرها ما بتبقى مستعجلة علطول كدة!».
ابتديت من جوايا أحس إنى فعلاً مضايقة بنتى بس مكنش عندى الجرأة إنى أتناقش معاها لإنى عارفة إنى غلطى أكبر من إنه يتبرر.. المهم فعلاً خلصت غداها وخلصنا «الهوم وورك» ووديتها تمرين السباحة ورجعنا عشيتها ونامت، باختصار اليوم مشى بالظبط زى ما كنت حاسباه، ساعتى مقررة إن ٨:١٥ اليوم يخلص..
بعدها فضلت أفكر مع نفسى أنا غلطانة فى إيه وإزاى أحل المشكلة؟
بس للأسف الشديد لقيت نفسى بقول من جوايا: «بلا تفكير أنا ألحق أنام عشان ألحق أصحى ٦ الصبح أوديها المدرسة، وألحق أعمل السندوتشات»، اتضايقت جداً حقيقى اتخنقت إنى مستكترة على نفسى أقعد أصلح من نفسى عشان بنتى تعيش حياة تتبسط فيها زى اليومين اللى بتروحهم لأمى..
قررت أسهر.. قلعت ساعتى رميتها بعيد قررت إنى مش هنام غير لما أوصل لحل.
جبت ورقة وقررت أكتب الفروق اللى بينى وبين أمى..
أنا علطول ماسكة موبايلى أو الآيباد وسايبة بنتى لوحدها.. مش بلعب معاها غير لو مكنتش عايزة تاكل فأحايلها واضطر ألعب وبرضو ببقى مستعجلة عشان ألحق أقوم أغسل الأطباق..
لما بخرج معاها ببقى مستعجلة إنى أخلص الخروجة عشان ألحق أرجع أعشيها وأنيمها.. لما بتتكلم معايا مبردش عليها غير بـ«إن شاء الله» عشان أنجز فى الحوار..
حتى الصبح وأنا بصحيها عشان تروح المدرسة مش بحضنها زى ما أمى كانت بتحضنى وهى بتصحينى للمدرسة، حتى مبقولهاش «صباح الخير»، كل اللى بقوله «يلا بسرعة قومى ادخلى التواليت عشان نلحق ننزل»
ولو مقامتش علطول صوتى بيبقى مجلجل فى الشقة بـ«يلا اخلصى»..
حقيقى أنا علطول مستعجلة؛ يلا نلحق ناكل، عشان نلحق نعمل الواجب، عشان نلحق ننزل التمرين، عشان نلحق نزور ناناة، عشان نلحق نرجع، عشان نلحق ننام، عشان نلحق نصحى، عشان نلحق نروح المدرسة، عشان نلحق نكرر اليوم اللى قبليه واللى بعديه..
فضلت مستعجلة عشان ألحق أعيش لحد ما معرفتش أعيش ولا عرفت أخلى بنتى حتى تعرف تعيش.. مبقتش ألحق أبص لبنتى لأنى مشغولة بالساعة وباللى ورايا.. استعجالى خسرنى ٤ سنين من عمر بنتى ولسه هيخسرنى أكتر لإنى برضو هفضل مستعجلة.
الحل إيه؟ أنا اللى غلطانة ولا الحياة هى اللى تقيلة عليا؟
أنا مش لاقية إجابة للسؤال: «أنا ليه مش زى ناناة؟».. تفتكروا هقدر أرمى ساعتى ورا ضهرى؟ هقدر أبطل كلمة «ألحق»؟ هقدر أسيب موبايلى وأبص لبنتى؟ تفتكروا هقدر أكون قد اختيارى إنى جبت بنتى الدنيا؟ هقدر أسمعها وهى بتحكى؟
المنبة رن.. الساعة ٦:١٥ جت.. مكنتش نمت.. قمت لبستها وفضل سؤال حيران جوايا: «هو أنا اللى مش زى ناناة؟» ولا «الحياة والظروف وشريك حياتى همّا اللى مش زى اللى عند ناناة؟».
بحبك يا بنتى.. بحبك أوى.. سامحينى وأوعدك إنى هحاول أبقى زى ناناة.
كتير مننا بيفضل مستعجل عشان يلحق يعيش لحد ما استعجاله بينسيه يعيش