بقلم: جهاد مجدي
اتنفض ادهم من مجلسه و قال و هو يمشي ” ايه …… براحة يا امي بالله عليكي …….. مستشفى ايه ……. بتولد دلوقتي طب انا جاي حالا “
نظرت حبيبة الى اخيها و كادت ان تسأله و لكن قطع بداية حديثها مجيئ حسام و بادر هو بسؤال ادهم ” ايه يا ادهم في ايه ؟ “
ادهم و هو يلتقط مفاتيحه ” ندى بتولد و لازم امشي “
حبيبة ” هي مش لسه في السابع هتولد دلوقتي ؟”
ادهم ” مش عارف اي حاجة والله يا حبيبة ادعيلي ربنا يستر “
حبيبة ” طب استنى هاجي معاك “
ادهم ” طب بسرعة بس بالله عليكي بعد اذنك يا حسام “
حسام ” و لا يهمك يا ادهم لولا الظروف انا كنت جيت معاك والله “
ادهم ” انا عارف ربنا يطمنكم عليها “
حسام ” يا رب و يطمنك على مراتك … هبقى اجيلك “
ادهم ” ماشي يلا يا حبيبة “
و رحل ادهم و حبيبة و توجهوا الى المشفى ………..
و في المكان الذى تقطن به فريدة كانت تجلس و هي ضامة ركبتيها الى صدرها و تبكي في صمت و امامها صنيه بها بعض الطعام الذي لم يمسسه احد ….
و فجأة …….
و في المكان الذى تقطن به فريدة كانت تجلس و هي ضامة ركبتيها الى صدرها و تبكي في صمت و امامها صنيه بها بعض الطعام الذي لم يمسسه احد ….
و فجأة انفتح الباب و دخل عليها رجل و قال بغلظة ” انتي هتفضلي سايبة الاكل كدة …. انتي حرة هتموتي نفسك “
نظرت له فريدة نظرة احتقار و لم ترد عليه اغاظت هذه النظرة الرجل و كاد ان يقترب منها و يؤذيها و لكن استوقفه صوت ارعبه انه صوت جمال …..
دخل جمال الغرفة عند فريدة و قال لها بابتسامة سخرية “واضح انك غالية اوي على حسام بيه مكنتش اعرف انه ممكن يبيع نفسه و يخون قسمه عشان حد “
ثم تركها و خرج ….. اما هي فانتابتها حالة ذهول شديدة ايعقل ما يقوله هذا الرجل ؟ هل سيضحي حسام بعمله و مستقبله من اجلها ؟ هل سيتخلى عن احلامه من اجلها ؟ ….. شعرت فريدة انها تسببت في القضاء على احلام اخيها و مستقبله و ظلت تدعو الله قائلة ” يا رب نجيني باي طريقة ميكونش فيها اذي لحسام و انا اول ما اخرج من هنا هبعد عن حياته و مش هيشوفني تاني “
و ظلت تبكي حتى استسلمت لتعبها و اطاعت اوامر جسدها طلبا للراحة و نامت لامل مرة منذ ان اختطفت …. لكنه نوم لم تجد فيه راحتها حيث كانت الكوابيس تهاجمها بلا رحمة او شفقة الى ان قامت من غفوتها مفزوعة و ظلت تبكي و هي تقول ” يا رب خلصني بقى من اللي انا فيه ده انا تعبت والله العظيم تعبت ………”
في ذلك الوقت كان القلق قد تمكن من ادهم و حبيبة و هم في انتظار خروج ندى من غرفة العمليات ….
زفر ادهم قائلا ” يا ربي كل ده بتولد 3 ساعات ليه بس “
ردت حبيبة لتطمئنه ” اهدي يا ادهم ان شاء الله خير و يا سيدي كله يهون عشان خاطر حمزة “
رد ادهم بابتسامة ” عقبال ما اتعب لك يوم ما اشوف ولادك “
ابتسمت حبيبة لاخيها و لا تعلم لماذا في هذه اللحظة لاحت امامها صورة حسام و سالت نفسها هل تسأل اخيها الان عن الحديث الذي قاله حسام ؟ لكنها وجدت ان هذا الوقت ليس مناسبا على الاطلاق ففضلت السكوت … و لكن عقلها ابى ان يصمت و ظلت تفكر في حسام و في نظرته الاخيرة لها عندما دخلت الى بيتهم كم كانت نظرته حنونة لم تراها في عين احد من قبل … و تذكرت عندما ناداها باسمها دون القاب …. و في هذه اللحظة اعلن قلبها العصيان عليها و رضخ و استسلم لحبها ….استسلم لحسام …
في تلك اللحظة سمعوا صوت بكاء طفل ياتي من غرفة العمليات فقفز قلب ادهم و اسرع الي الغرفة في نفس اللحظة التى خرجت فيها الممرضة تحمل هذا الملاك و قالت ” مبروك ولد ماشاء الله زي القمر”
اخذ ادهم ابنه منها و امتلئت عينه بالدموع و هو يتأمل وجهه االبرئ فهل يعقل ان هذا الملاك هو ابني ؟ هل هذا هو الذي سوف استند عليه في عجزي ؟ هل هذا الذي سيكون امانا لامه …؟اعلن قلب ادهم مولد حب جديد لكنه حب من نوع خاص فهو حب ابدي … حب لا يجوز ان يخالطه كره … شرد ادهم بخياله و هو يحمل ابنه و تلك الابتسامة تزين وجهه الذي امتلئ بالدموع ……
فاق من شروده على صوت حبيبة و هي تقول له بفرحة ” ايه يا ادهم مش هتأذن له “
هنا انتبه ادهم علي ما قد نسيه فأذن لابنه في اذنه اليمنى ثم اقام في اذنه اليسري و بعدها اعطاه لاخته لتحمله لكنها قالت ” بلاش يا ادهم بالله عليك انا خايفة اشيله صغير اوي “
ابتسم لها ادهم و قال ” لا هتعرفي يا حبيبة انتي عندك 24 سنة يعني مش صغيرة و لا عيلة “
حملت حبيبة ابن اخيها و ابتسمت له و قبلت جبينه ثم ظلت تتامل ملامحه البريئه و هي تقول ” حمد الله عالسلامة يا استاذ حمزة اخير نورت يا رب يكون رزقك واسع و وشك حلو علينا كلنا “
قال ادهم ” ان شاء الله يبقى وشه حلو علينا و فريدة ترجع بالسلامة على قدومه “
حبيبة بدعاء ” يا رب ….. ادخل انت اطمن على ندي و خد حمزة و انا هجيب حاجة من الكافيتريا و اجي “
حمل منها ابنه و هو يقول ” ماشي يا حبيبتي “
في تلك الاثناء رن هاتف حسام بالرقم الذي ينتظره فرد متلهفا ” الو ….. ايوة ايوة …… عارف المكان …… مش هجيب حد معايا والله و لا هبلغ البوليس بس ارجوكم محدش يأذي فريدة …. ماشي في المعاد هكون موجود “
نظر حسام الى صديقيه و قال ” هقابلهم النهاردة باليل الساعة 3 الفجر على طريق اسكندرية الصحراوي المخدرات اللي عاوزين يدخلوها هتدخل في نفس الوقت عاوزيني اكلم بتوع الجمارك في بورسعيد ان محدش يتعرض لهم “
نظر اليه عمرو و شادي بأسي … بينما هو قام بأخذ ورقة و فتح قلمه و بدأ في كتابة شيئ ما …
سأله عمرو بتعجب ” انت بتعمل ايه يا حسام “
حسام بهدوء” بكتب استقالتي و هروح اقدمها للوا علي المليجي قبل ما اعمل اي حاجة “
هنا امسك عمرو بالقلم الذي في يد حسام ليوقفة عن الكتابة وقال ” ممكن تأجل الخطوة دي شوية لحد ما تخلص اللي هتعمله “
كان حسام يشعر ان قلبه يتمزق و هو يكتب استقالته و كان على اتم استعداد ان يتراجع عن قراره اذا اقنعه احد و لكنه تذكر فريدة و تخيل ما يمكن ان يحدث لها فاصر على كتابة استقالته فعمله ليس اهم من اخته .. و لن الحاح عمرو و شادي عليه جعلاه يؤجل تلك الخطوة لحين رجوع فريدة سالمة غانمة ….
بعدها استأذن عمرو و شادي من حسام للذهاب الى عملهم على وعد منهم بالاطمئنان عليه عندما تعود فريدة و كان هذا ما ينوي عمرو و شادي فعله ظاهريا اما بالباطن قرروا التوجه الى مكان اخر …..
” انا مش فاهم ازاي حسام يفكر يعمل حاجة زي دي و ازاي ميرجعليش “
كانت تلك هي الجملة التي هتف بها اللواء علي المليجي في مكتبه بعد ما قص عليه شادي و عمرو ما حدث “
اللواء علي ” حسام اكيد اتجنن عشان يعمل كدة ده مش حسام اللي انا مربيه و كان تلميذي “
شادي ” يا فندم غصب عنه اخته الوحيدة تحت ايد راجل اقل حاجة ممكن يعملها انه يقتلها بدم بارد “
ثم اكمل عمرو ” يا فندم احنا جينا لحضرتك عشان تساعدنا حسام كان ناوي يقدم استقالته يعني هو دلوقتي مخير بين شغله اللي بيعشقه و اخته اللي ملهاش غيره و مسئولة منه و هي ملهاش ذنب في كل اللي بيحصل “
هدأ اللواء علي قليلا و قال ” انتوا تعرفوا مكان تسليم البضاعة و المعاد “
شادي بترقب ” ايوة يا فندم “
ابتسم اللواء و قال ” هايل … طب و مكان اللي هيسلموه فيه فريدة “
ابتسم كل من عمرو و شادي و قد فهموا ما ينوي اللواء فعله
في تمام الساعة التاسعة تجهز حسام و استقل سيارته ليبدأ رحلته و في هذه الاثناءرن هاتفه فوجده ادهم …..
حسام ” ايوة يا ادهم “
ادهم ” ايه يا حسام عملت ايه انا في الطريق ادعي لي يا ادهم .. صحيح الف مبروك يا ابو حمزة “
” الله يبارك فيك يا حسام و ان شاء الله كمان شوية نبارك لك على رجوع فريدة “
حسام ” يا رب “
و بعدما اغلق حسام مع ادهم رن هاتفه مرة اخري و عندما رد ” الو ….. انا في الطريق اهو ….. لا مبلغتش البوليس و لا معايا حد ….. تمام “
زاد حسام من سرعة سيارته و في داخله نار يرتفع لهيبها حتي يكاد يصل الى عنان السماء كلما تذكر حسام كلمات والده و هو يوصيه على اخته يزيد من سرعته ….. و كلما تذكر صوت فريدة الباكي و هي تطلب نجدته زاد من سرعته ….. و كلما تذكر اهماله لها و حديث حبيبة عن ما عانت منه اخته زاد من سرعته ….. ظل يزيد من سرعته حتى وصل الى المكان المنشود لكن قبل الميعاد ……. ترجل حسام من سيارته و وقف امامها و استند عليها و شرد في تذكر اخر موقف بينه و بين اخته ……
قبل خطفها باسبوع واحد دخل حسام الى منزله متأخرا وجد فريدة بانتظاره …..
ذهب اليها قائلا و هو ينظر في ساعته ” ايه اللي مصحيكي لحد دلوقتي “
فريدة ” عاوزة اتكلم معاك شوية لو سمحت “
حسام ” بعدين لاني مش فاضي “
فريدة ببكاء ” بعدين امتى انا عاوزة اعرف انا قاعدة هنا ليه و مع مين يا اخي كنت سيبتني في البيت اللي كبرت و اتربيت فيه على الاقل كنت هعيش مع ذكريات بابا و ماما و مع الجيران اللي اتعودت عليهم انت مبتسألش عليا غير في موضوع فلوس الدروس … اقتصرت علاقتك بيا في شوية ورق …. يا شيخ ده انا من ساعة ما عرفت ان ليا اخ بقيت اتمنى اني اتعرف عليك بسرعة كنت بشوف كل واحدة من زمايلي و اخوها بيوصلها المدرسة بقيت عاوزة اشوفك عشان تبقى حنين عليا …. انا خلاص تعبت و رحمة بابا انا تعبت …..”
انهارت باكية على الارض رق قلب حسام و كاد ان يذهب اليها و يضمها و يعتذر لها لها لكنه تذكر ما فعله ابوهما بامه ……
فجاة صاح حسام ” دادة كريمة يا دادة “
جاءت كريمة على صوت حسام ” خير يا ابني في ااا…..”
قطع كلامها منظر فريدة الذي فطر قلبها فذهبت اليها و ضمتها ” ايه يا بنتي مالك في ايه “
ثم وجهت كلامها الى حسام ” مالها يا حسام “
حسام ” بالله عليكي يا دادة خديها على اوضتها و اعملي لها كوباية لبن دافية عشان تهدى “
كريمة و هي تسند فريدة ” طب قول لي بس مالها “
حسام و هو يتجه لغرفته ” بعدين يا دادة بعدين “
افاق حسام من شروده ثم لعن نفسه مئات المرات على معاملته لفريدة و اهماله لها الذي كان نتيجته خطفها دون ادني ذنب سوى انها اخته ….
بينما حسام غارق في افكارة فجأة ……….