قصة قصيرة من كتاب “يحكى ان “
“منى”
وقفت امام المرآة ترتب شعرها وتصلح زينتها .. استعدادا للخروج بصحبة زوجها .. كانت تبالغ كثيرا في تبرجها .. فهي تؤمن بالمثل الفرنسي القائل “عمر الرجل كما يشعر و عمر المرأة كما تبدو” .. لم تتخيل مطلقا ان يشغلها العمر بهذا الشكل .. ان يأتي اليوم الذي تتحسس فيه وجهها باحثة عن التجاعيد الصغيرة التي بدأت تزحف على ملامحها ..تاركة خطوطها على بشرتها المخملية ..وتحاول ان تداريها ..بمستحضرات التجميل ..لا اعلم هل كل امرأة تلاحقها تلك الفوبيا .. والخوف من السن..ام ان المرأة التي لم تنجب هي الاكثر خوفا.. والاكثر حرصا على ان تبدو اصغر …
مجرد خاطرة استوقفتها.. تعرف الاجابة .. فكيف لا وهي تعيشها .. فهي لم تنجب .. بعد زواج استمر 18 عاما .. هي الان في منتصف الاربعين … تودع مرحلة الشباب وتودع معاها حلمها في الحصول على لقب ام … المرأة حين تنجب لا يشغلها السن كثيرا .. تشعر ان هناك انجاز اخر لا يقل اهمية عن كونها انثى جميلة .. فالشعور بالامومة اعظم انجاز .. فهو نداء الفطرة .. 18 عاما .. باءت كل المحاولات فيها بالفشل.. .
المرة الاخيرة كانت من 6 سنوات حيانها ذهابا سويا للمركز الخاص بتأخر الحمل بعد جرعات العلاج المكثفة .. مر الوقت سريعا قبل ان يعلن الطبيب الشاب موت الامل الاخير .. فقد كانت فشلت عدة مرات من قبل ولم يستطيعوا استخراج اية حيوانات منوية تصلح لاجراء الحقن المجهري .. رفعت الحرج عن زوجها الذي تحبه بشدة .. واحتضنته في تلك المرة قائلة “انت طفلي” لماذا نسعى لانجاب اطفال ..؟
قالتها باستنكار .. ثم اردفت انت تستحق كل رعايتي واهتمامي ..لماذا يشاركك احد هذا الاهتمام .. نحن مرتبطان للغاية .. ارواحنا مرتبطة .. نفكر في نفس الشيء في نفس اللحظة .. اتذكر كام مرة حادثتك فيها على هاتفك .. لترد قائلا” كنت حالا بكلمك ..سبحان الله” ..
اتظن اننا بحاجة لما يربطنا اكثر .. ؟؟؟ لا اظن .. نحن في حالة اندماج روحي كامل تذوب روحي في روحك .. احلامك هي احلامي… الاطفال نعمة كبيرة من عند الله .. ولكن حبنا نعمة اكبر .. الكثيرون محرمون منها .. لم يتذوقوها .. متعة الحب لا تقل عن متعة الاطفال … الحياة عادلة .. لا احد يأخذ كل شيء ..انا راضية للغاية … امسكت منى الهاتف وهي مازالت امام المرآة شاردة في افكارها .. وهمت ان تهاتف زوجها .. وجدت هاتفها يرن .. ردت قائلة “حبيبي كنت لسة بكلمك سبحان الله”
قصة قصيرة بقلم الكاتبة مي عبدالهادي