بقلم: دينا شرف الدين
ظاهرة جديدة تفترس المجتمع بشراسة لتنضم إلى مجموعة الظواهر السلبية التى تفشت فى مصر فى سنوات الثورة العجاف، التى أخرجت أسوأ ما فى المصريين، وهى ظاهرة تحول مصر بأكملها إلى سوق سوداء كبيرة تفتح ذراعيها لكل من تسول له نفسه ويسمح له ضميره بالتلاعب بمقدرات الدولة، والحاجة الملحة لغالبية السلع والاحتياجات الضرورية التى لا غنى عنها للمواطنين بشكل عام، حتى البسطاء منهم والمحتاجين.
فعلى سبيل المثال، استغل هؤلاء الذين يصطادون عادة بالماء العكر حاجة الشعب الملحة بكل طوائفه وطبقاته إلى استهلاك كروت الشحن الخاصة بشبكات الهواتف المحمولة، والتى باتت لا غنى عنها للفقير قبل الغنى، حتى وإن كانت فى بعض الأحوال تستقطع جزءاً لا بأس به من قوت يومه الضرورى. فراح هؤلاء الطامعون يتاجرون برفع أسعار هذه الكروت إلى الأعلى بنسبة ٢٥٪ أو أكثر حسب الطلب!.
كما استغل هؤلاء حالة اللهفة وزيادة الإقبال الموازى لزيادة السعر وراحوا يخفونها ويحجبونها لتعطيش الزبون والسيطرة التامة على هذه السوق السوداء الجديدة التى تجد رواجا لا يقل عن سوق السجائر الذى سبقه بفترة وجيزة!.
هذا وبعد أن أعلنت كل شركات المحمول عن عدم مسؤوليتها عن رفع الأسعار، ظلت المشكلة قائمة وظل هؤلاء التجار والوسطاء يتلاعبون باحتياج الناس ويضربون بكل هذه التصريحات الرسمية عرض الحائط.
وبالرغم من التصريحات التى خرجت من جهات الرقابة عن تشديد العقوبة على المخالفين فى هذا الشأن، فلم تكن مشكلة كروت الشحن هى الأولى ولن تكون الأخيرة، إذا لم تكن هناك رقابة وعقوبة رادعة لمافيا السوق السوداء، التى اجتاحت أرجاء مصر وسيطرت على أهم السلع الاستهلاكية فى حالة من الاستسلام الشعبى واللا مبالاة التى تمكنت من المواطن المسكين، ليس من باب رفاهية العيش ولكن من باب الإحباط والأمر الواقع الذى يفرض نفسه عليه دون قانون يحميه أو جهة تتدخل بقوة لرفع هذا الظلم عنه!.
المشكلة أعزائى ليست مشكلة السلع غير الأساسية مثل السجائر وكروت المحمول، ولكنها امتدت وتشعبت لتشمل غالبية السلع الضرورية، مثل الأرز والسكر والزيت والخضراوات والفاكهة.. إلى آخره.
فكل منطقة لها تسعيرتها الخاصة وكل سوق بداخلها لها مثل ما لها، بل كل بائع يبيع بسعر غير الآخر على حسب مزاجه الشخصى، وكل يوم بسعر غير الذى سبقه بتحدٍ واضح لأى تسعيرة رسمية يسمع عنها المواطن فى الصحف أو مواقع الأخبار.
وإذا تجرأ هذا المواطن وسأل البائع عن هذا الفارق الكبير فى الأسعار يجد ما لا يسره من تعالٍ وعجرفة وتحدٍ لا يدل إلا على انعدام الرقابة، وتوارى القوانين وضعف أجهزة الدولة..
عزيزى رئيس الحكومة.. ألم يحن الوقت للضرب بيد من حديد على كل المخالفين والمتجاوزين وتجار السوق السوداء التى اجتاحت مصر؟
هل تريدونها دولة يعلو فيها صوت القانون لينصر الضعفاء والمظلومين، ويعاقب جميع الفسدة والمجرمين، أم تريدونها غابة يلتهم فيها القوى الضعيف وتعم فيها الفوضى والعشوائية؟.. استفيقوا واستقيموا يرحمكم الله وأحسنوا العمل يحسن إليكم الله ويسدد خطاكم لما فيه الخير لهذا البلد .