كتب / خطاب معوض خطاب
حكاية اللص مع الكلاب …
الشخصية الحقيقية لسعيد مهران …
سرق فيلا أم كلثوم و فيلا أمير الشعراء أحمد شوقى و منزل المقدم عبدالقادر عيد مدير مكتب المشير عبدالحكيم عامر ، كان منضما للميليشيات اللبنانية و قام بحراسة رشيد كرامى ، عبدالله اليافى رئيسى الحكومة اللبنانية و تم اتهامه بالسطو على قصر الرئيس اللبنانى كميل شمعون .
نحن أمام شخصية تكاد تكون أسطورية ، لص متعلم و مثقف و فى منتهى الذكاء و الدهاء ، لم يكن لصا عاديا جاهلا أو غبيا ، لم يستخدم العنف و لم يحمل مطواة ، كانت كل عدته بطارية (كشاف) و عدد من المفكات ، كان يتسلل من الأبواب و الشبابيك بمنتهى الخفة ، لم يتم ضبطه أبدا فى حالة تلبس بل كانت كل قضاياه تقيد ضد مجهول ، كان يسرق الأغنياء فقط و لا يسرق فقيرا أبدا ، كان شبيها بأرسين لوبين و تم تلقيبه بروبين هود المصرى غير أنه لم يكن يوزع ما سرقه على الفقراء بل كان يحتفظ به لنفسه .
محمود أمين سليمان ولد فى طرابلس بلبنان و نشأ هناك حيث كان والده يقيم و يعمل بلبنان ، هناك عرف محمود السرقة و تدرب مع العصابات و أدمن الأفيون و اكتسب روح المغامرة ، عمل بالميناء ثم انضم للميليشيات اللبنانية و عمل فى حراسة رشيد كرامى و عبدالله اليافى رئيسى الحكومة اللبنانية و تنقل بين عدة أعمال و انتهى به الأمر لإحتراف السرقة و السطو على قصور الأثرياء بلبنان .
تم ترحيله من لبنان بعد أن تم سجنه 4 سنوات لإتهامه بالسطو على قصر رئيس لبنان كميل شمعون و غيره ، عاد إلى مصر و استقر بالأسكندرية التى سبقه إليا بقية أسرته ، و هناك مارس هوايته فى سرقة الأثرياء ليس فى الأسكندرية فقط بل كان يقوم بممارسة السطو على بيوت أثرياء القاهرة أيضا ، تخفى فى شخصيات عديدة و ادعى أنه صاحب أعمال متعددة ، مرة يقدم نفسه للناس على أنه من كبار الأثرياء أو من كبار التجار أو كبار رجال الأعمال ، أو صاحب مصانع و ورش موبيليا ، كما قدم نفسه للناس مديرا و صاحبا لدار طباعة و دعاية و نشر اسمها دار الفكر و كان لهذه الدار مقر فخم مؤثث بأفخر الأثاث و كانت لديه سكرتيرة و مدير مكتب و مستشار قانونى ، و كان أيضا يمارس هوايته فى سرقة الأثرياء من خلف الستار .
أراد سرقة قصر المليونير (سباهى) و حين شعروا به هرب لكن تم القبض عليه خارج القصر و تمت محاكمته و حكم عليه بالسجن سنتين ، هرب من السجن و تعرف بالمحامى بدرالدين أيوب و صارا صديقين و أصبح هذا المحامى صديقه و محاميه الذى يتولى قضاياه و انضم إليهما مهندس كيميائى كان صديقا للمحامى و أصبح الثلاثة لا يفترقون إلا نادرا و كثرت سهراتهم التى كان محمود يتولى الإنفاق عليها .
كان متزوجا للمرة الثالثة بعد زيجتين انتهتا بالطلاق ، و فجأة تم القبض عليه و التحقيق معه فى عدد من القضايا المجهولة التى لم يكن أحد يعلم بها إلا محاميه و صديقه بدرالدين أيوب ، أيقن أن صديقه المحامى قد غدر به خاصة بعدما جاءته أنباء عن زيارات زوجته المتعددة لمكتب المحامى و وجود علاقة بينهما و خيانتها له مع المحامى فقرر الهرب لينتقم ممن خانوه و أدخلوه السجن .
محمود أمين سليمان حين هرب قام بمطاردة من خانوه و اهتمت به الصحافة و أطلقت عليه لقب السفاح مع أنه لم يقتل إلا أحد البوابين الذى أمسك به و لم يكن يقصد قتله بل ندم عندما علم بموته ، قصة هذا اللص صاغها الأديب الكبير نجيب محفوظ فى رواية اللص و الكلاب إلا أنه غير فى أسماء و بعض أحداث و شخصيات الرواية ، و قام المخرج كمال الشيخ بإخراج الفيلم الشهير المأخوذ عن هذه الرواية .
فى الرواية و الفيلم سرق منزل النجمة المشهورة كوكب و فى الحقيقة سرق كوكب الشرق أم كلثوم ، فى الرواية و الفيلم كان اللص يطارد زوجته الخائنة نبوية و صبيه عليش سدرة و الصحفى رؤوف علوان صديقه و أستاذه الذى علمه لكنه أدار له ظهره بعد ذلك ، أما فى الحقيقة فقد كان محمود أمين سليمان يطارد زوجته (نوال) و محاميه و صديقه (بدرالدين أيوب) و صديقه المهندس الكيميائى ، فى الرواية و الفيلم طارده البوليس بمصاحبة الكلاب البوليسية فى صحراء القلعة حيث تم قتله برصاص البوليس بينما فى الحقيقة تمت مطاردته بصحراء حلوان حيث وجد مقتولا ، قيل إنه قتل برصاصات البوليس و قيل إنه انتحر بإطلاق الرصاص على نفسه .
اللص محمود أمين سليمان صنعت منه الصحافة أسطورة و أطلقت عليه لقب السفاح و كانت نهاية الصحافة على يديه حيث تم تأميم الصحافة بعد أن نشرت جريدة الأخبار خبر مصرع السفاح و أسفله عنوان : عبدالناصر فى باكستان ، و قيل وقتها إن النشر بهذه الطريقة كان من أسباب تأميم الصحف .
المصادر :
كتاب : سفاح صاحبة الجلالة ( سعيد أبو العينين ) .
ملحق جريدة الخليج الثقافى 1 سبتمبر 2014م .
جريدة النهار الكويتية العدد 733 .
جريدة الشروق 21 يناير 2011م .