كتب / خطاب معوض خطاب
الفنان عبدالفتاح القصرى ابن الجواهرجى الذى عشق الفن .
حنفى السينما المصرية عاش مأساة أواخر حياته حيث أصيب بالعمى و فقدان الذاكرة و لم يمش وراء جنازته إلا سمكرى و جزمجى و حلاق و منجد .
عاش الفنان عبدالفتاح القصرى نجما للكوميديا و ملكا متوجا على عرشها رغم أنه لم يحصل على دور البطولة أبدا ، و رغم أنه كان يؤدى الأدوار الثانية أو الثانوية إلا أنه كان يتفوق على أصحاب الأدوار الأولى و كانت له لازمات و قفشات و جمل قالها فى أفلامه مازالت خالدة حتى اليوم رغم مرور عشرات السنين على وفاته .
و رغم نشأته و تربيته كإبن لأب جواهرجى و رغم أنه تعلم بمدرسة الفرير الفرنسية و إجادته التامة لهذه اللغة إلا أنه ترك كل شئ و اتجه للفن الذى يعشقه و يحبه و عاش عمره كله من أجله لكن حدثت له مأساة كبرى لم يتوقعها أحد بعد رحلة دامت 40 عاما مع الفن حيث كان آخر أدواره هو المعلم شاهين الزلط فى فيلم سكر هانم إنتاج سنة 1960م و الذى يعد أحد أهم العلامات الكوميدية فى تاريخ السينما المصرية .
ففي نفس العام و أثناء إشتراكه بإحدى المسرحيات أمام الفنان إسماعيل ياسين شعر القصري بإعياء شديد و لكنه تحامل على نفسه و أدى دوره و بينما الجمهور تتعالى ضحكاته و القصرى يريد الخروج من المسرح إذ به يتحسس قطع الديكور و يعلو صوته و هو يقول : أنا مش شايف أنا مش شايف !!! فيضحك الجمهور بينما يذهب إليه إسماعيل ياسين و يمسك بيده و يخرجه من المسرح لأن القصرى فقد بصره و لم يعد يرى ، وقتها أدرك الجمهور حقيقة الموقف و ماتت الضحكة على شفاه الجمهور الذى تبدل حاله إلى الحزن على ما آل إليه حال نجمهم المحبوب .
تزوج القصرى عدة مرات و لكنه لم ينجب أطفالا ، و كانت آخر زوجاته فتاة صغيرة في السن أجبرته على طلاقها بعد إصابته بالعمى و بعد أن تنازل لها عن كل ما يملك و كتب لها كل ثروته و الأمر من ذلك أنها تزوجت من شاب كان يعطف عليه و الأدهى أنهما سكنا معه فى نفس الشقة التى يعيش فيها و توالت عليه النكبات حيث أدارت له الدنيا ظهرها فافتقر و لم يعد له مورد للرزق و أصبح يقف في متعلقا بحديد شباك غرفته التى تطل على الشارع يسأل المارة و يرجوهم أن يعطوه المال و الطعام .
ذهبت الفنانتان ماري منيب و نجوى سالم لزيارته و حين علمتا بحاله قامتا بنقله لمستشفى قصر العينى حيث زادت عليه النكبات بعد ذلك إذ أصيب بضغط الدم المرتفع و السكر و تصلب الشرايين الموصلة للمخ و الشلل و فقدان الذاكرة ، و بعد خروجه لازمته أخته للقيام بخدمته فى شقته التى منحتها له محافظة القاهرة بمساكن الشيخ مظلوم الشعبية فى حي الشرابية و كانت رقم 3 بلوك 11 ، و بعد أن كان يركب السيارات الفارهة أصبح القصرى لا يجد ثمن شراء كرسى متحرك ، ساعده بعض الفنانين مثل نجوى سالم و مارى منيب و هند رستم و وافقت وزارة الأوقاف على منحه إعانة قدرها 10 جنيهات شهريا و مثلها من نقابة الممثلين و 5 جنيهات من جمعية أصدقاء الفنانين .
بعد رحلة قضاها متنقلا بين مستشفيات الدمرداش و قصر العيني و المستشفى الإيطالى و المبرة رحل الفنان عبدالفتاح القصري عن الدنيا ، خرج وراء جنازته الفنانة نجوى سالم و أخته بهية و رجل اسمه قدري السمكري و آخر اسمه سعيد المنجد و في الطريق انضم لهم حلاق و جزمجي ، صلوا عليه الجنازة و دفنوه …
المصادر :
جريدة البيان الإماراتية 19 نوفمبر 2013م .
جريدة النهار الكويتية العدد 1029 .
مجلة ديوان الأهرام العدد 27 .