أدم وحواءعام

كم نستطيع تحمّل عيوب أحبتنا ؟


بقلم : نبيل القيسي


نبيل القيسي في قصةٍ جديدة من التراث : كم نستطيع تحمّل عيوب أحبتنا ؟ 
قصة من التراث : كم نستطيع تحمّل عيوب أحبتنا؟ 
يُحكى عن علاقة حبٍ كبيرة كانت تربط بين زوجين . 
كانت الزوجة في غاية الجمال . 
اضطرت الظروف المعيشية الزوج أن يعمل خارج بلدته ، مما دعاه للتغيب عن بيته أشهراً ، بينما كانت الزوجة صابرةً محتسبة ، تتشوق عودة ولقاء زوجها . 
أصاب البلدة التي تعيش بها الزوجة وباء جلدي أدى لإصابتها بالمرض ، مما أفسد جمال وجهها ، بينما كان الزوج يستعد للعودة إلى بلدته وينعم بلقاء زوجته الذي شغف شوقاً لها ، ولم يثتيه الوباء الذي أحلّ بالقرية دون المباشرة بالسفر رغم تحذيرات أصحابه وأصدقائه . 
وفي أثناء الطريق تعرض الزوج لحادثٍ عارض أدى لفقدانه البصر ، إلا أنه وبعد فترة استطاع أن يصل إلى زوجته لينعم بدفءِ اللقاء وبحبها وحنانها رغم ما أصابه من فقدان البصر ، حيث كانت هي دليله في ذهابه وإيابه . 
وبعد مدةٍ طويلةٍ من الزمن تصل إلى أربعين عاماً قضاها الزوجان ينعمان بحب جنوني لبعضهما البعض ، والزوجة يزداد مرضها ويزداد تشوهها ، إلى أن شاء لها الله أن تتوفى ، فيحزن الزوج عليها حزناً شديداً ، وينفطر قلبه على فراقها . 
انتهت مراسم الدفن والعزاء في المقبرة ، والزوج يكاد يسند طوله من فرط حزنه على زوجته . 
بقي الزوج قرب قبر زوجته يقرأ لها ويؤنس وحدتها ، حتى رحل جميع المعزّين والمشاركين في الدفن ، فهمّ بمغادرة المقبرة ، فانتصب واقفاً يجرّ حزنه وثِقل جسده ، إلى أن رآه أحدهم فناداه : يا فلان ، إلى أين أنت ذاهب ؟ 
فقال له الزوج بانكسار : إلى بيتي . 
قال له الرجل : وكيف لك أن تصل وتتعرف على الطريق والتي كانت تأخذ بيدك قد توفّاها الله ؟ 
وقف للحظةٍ قبل أن يلتفت إلى الرجل قائلاً له : يا صديقي حين علمتُ بأمر الوباء الذي أصاب البلدة وبالمرض الذي حلّ بزوجتي مما أفقدها جمالها وحُسنها ، تظاهرتُ بالعمى حتى لا أحرجها ولا أشعرها بالشفقة على حالها ، فقد كانت نِعم الزوجة التي صبرت على فقري وعلى بعدي عنها ، وحتى على فقداني البصر ، فصبرتُ عليها طيلة أربعين عاماً ! ! 
كم منّا من يستطيع التظاهر بالعمى لكي لا نرى عيوب أحبتنا ؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock