شعر وحكاياتعام

نبض أمي

الكاتبة / صالحة حسين 
من السعودية
أتسكع بين مرافئ هذياني عندما أتفاقم غيظاً من شظايا أصابت رفوف عمر أمي ، أيقظ القلب صراخ بين حنا

يا الجسد ليستجدي جراح حبلى حملها لمضمار ساحات الزمن 

أتلمس مجرى النبض منها المثخن بترهلات الوجع .
تجعدت الأرض تحت قدميها كلما طوت السنين وهي تخطو بهامة مرفوعة ، يتكئ عليها الزمن حتى تقوس ظهرها ، تسلقت الفصول مساماتها حتى انتهت للخريف القابع بين إشبينات أوردتها ، يتدثر بها حتى تنزف آخر أنفاس ذاكرتها .
تقوس ضلعها من حانات قلب مهجورة كانت تدب فيها الحياة قبل أن يتلفها الجفاف ، 
وتسقط أحلامها كأيكة هرمة لتجثو على ركبتيها أمام مقصلة الزمن ، ويقضي حكم الإعدام عليها بالوحدة حين تعثرت خطواتها بين قصاصات الأرصفة . 
لا أعلم كيف تواطأ ليل أشرم مع عقارب زمن ليقضم أطرافها ، يلف حول معصمها التجاعيد حين تدلت بؤرة الارتعاش من بين أطرافها ، وكبلت أعمدة الألم قدميها
رسم الزمن على جسدها خريطة تقويم عمر طبعت عليه أرقام سنين ، وسقطت جميع الوجوه من حولها وبقي لها قليل من رمق تنتظر من يقيم وأدها ، تعبت أحداقها من طول النظر في الزوايا .. وأخاديد الزمن رسمت نقشها على ملامحها ،حتى بدت كلوحة تعلوها الملوحة ، تتلاشى كهوف مهترئة من زوايا العقل كلما مر عليها حفنة من الزمن ، يجرّ خلفه بقايا من ذاكرتها ويبذر النسيان يسقيه بماء الرماد ، بعد أن أصابها عري الحطام
أماه
قد ساقك القدر بين كفي لأمسح عن جبينك جحافل زمن توسدت بعضك
وتركت بعضك مهمل ترتشف ماء الحياة .
أماه
سأتهجأ أبجدياتك لأغير ملامح قدر كان مفعولا وأنوخ بروحك المتعبة من السفر
وأتوسل الله أن يدثرك برحمته ومغفرته .
أماه
هذه يدي تمتد لتمسح عن جبينك آثار وهن نسي خطوطاً مغروسة في جسدك
انحني عند قدميك لعلي أجد ريح الجنة ، فقد تعاظم الخطب مني مذ أضعت الطريق لحضنك ،يتزاحم بين شفتي كثير من الاستفهام ، هل في ذاكرتك مساحة كافية لتمد لي جسوراً تدعو لي ، وهل أكون إبنة صالحة لأدعو لك
ثم بعد … : 
رحمك الله يا أمي وجعل مثواك الجنة في عليين وبين أنبيائه والصالحين .

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock