عام

ما لا تعرفه عن حكايه جامع الكخيا

كتب . د.حامد محمد حامد  

فيه أماكن في البلد بتدلق على نافوخك جردل ماية متلجة ، تخلي الواحد يفوق من التصورات و التقسيمات الخيالية  اللي بنحطها للآثار و التاريخ ، زي إن الآثار الإسلامية ملهاش وجود غير في شارع المعز و مصر القديمة بس ، و الآثار المصرية القديمة مش موجودة غير عند الأهرامات و شكراً على كده ،

 أو إن منطقة وسط البلد مثلاً مكنش ليها أي وجود قبل الخديوي إسماعيل , الفكرة الخايبة  دي بتقضي على أحد الصفات المدهشة  في القاهرة : طبقات التاريخ المدعوكة فوق بعض في نفس المكان ” خد عندك جامع الكخيا مثلاً  “

الجامع  اتبنى من أكتر من 250 سنة .. و مع إنه موجود في قلب وسط البلد . إلا إنه أقدم من وسط البلد اللي نعرفها 100 سنة على الأقل !

لما دخل السلطان سليم الأول مصر و أنهى الدولة المملوكية و حول مصر لولاية عثمانية ، عمل نظام سياسي محكم يضمن بيه إن الوضع في البلد يفضل مستقر ، فخلى حكم البلد مشاركة بين الوالي العثماني ، و الوجاقات (الفرق العسكرية) العثمانية ، و بقايا المماليك الموجودين في مصرو بطريقة متخليش حد من التلاتة يفكر يلعب بديله كده أو كده و يحاول يستقل بحكم مصر لوحده ..

مع الوقت النظام ده اتعك على الآخر،و بقى المماليك يدخلوا الوجاقات دي و يترقوا فيها زيهم زي الأتراك .. و نفوذ المماليك بقى قوي جداً ،لدرجة إنهم يقدروا يعزلوا الوالي العثماني شخصياً ، و بقى كبير المماليك في مصر اللي لقبه (شيخ البلد) هوة الحاكم الحقيقي لمصر .. 

كل وجاق من الوجاقات كان له رئيس ، و له مجموعة من النواب و نائب الرئيس كان بيتقال عليه (كتخدا) أهو اللي بنى الجامع ده كان نائب رئيس أحد الوجاقات  و كان اسمه عثمان كتخدا القازدغلي ! (كتخدا) كانت كلمة تقيلة على لسان المصريين  فحولوها لكلمة أسهل .. “كخيا “  !

عثمان كتخدا كان واحد من أهم الأمراء المماليك في مصر،في يوم افتتاح الجامع بتاعه سنة 1747 م ، الجامع اتملى على الآخر بأكابر البلد اللي حضروا أول صلاة جمعة فيه ، و كان ممكن جداً حياته تستمرعلى المنوال ده و يعيش و يموت معزز مكرم ، لولا إنه طمع في الأكتر من كده “منصب شيخ البلد  “..

ودي تحديداً كانت بداية النهاية الدرامية العنيفة لعثمان كتخدا و اللي حصل إن مملوك اسمه صالح القاسمي طلب منه إنه يتوسطله عند شيخ البلد ” محمد بك قطامش “ عشان يرقيه ، شيخ البلد رفض و قال الواد صالح ده عمره ما هيترقى طول ما أنا عايش .. المملوك سخنت معاه و قرر إنه يقتل شيخ البلد شخصياً . عثمان كتخدا شجعه عشان شاف إنها فرصة ممتازة للتخلص من شيخ البلد ، و اتفق مع الوالي العثماني باكير باشا على تفاصيل عملية الاغتيال .. 

الخطة كانت إن الوالي العثماني يفتكس حوار كده ، و يطلب من شيخ البلد و قيادات المماليك و الوجاقات إنهم يعملوا اجتماع عشان يناقشوه .. في الاجتماع ده هيتم اغتيال شيخ البلد و رجالته .

وده اللي حصل بالفعل و  اتقتل شيخ البلد محمد بك قطامش ورجالته  و في الزحمة اتقتل كمان  عثمان كتخدا القازدغلي ووقع في شر أعماله !

مرة واحدة صالح القاسمي و المماليك اللي معاه لقوا كل قادة المماليك مقتولين قدامهم و سكروا بنشوة النصر المفاجئ و حسوا إن الطريق بقى مفتوح قدامهم لحكم مصر ..

قطعوا رؤوس المماليك اللي اتقتلوا و طيران على جامع السلطان حسن عشان يتحصنوا فيه  و علشان يرهبوا أي حد يحاول يهجم عليهم وسلخوا رؤوس المماليك اللي اتقتلوا  و حطوا عليها تبن ورصصوها على بسطة جامع السلطان حسن !

صحيح دنيا غدارة و ملهاش أمان و مين يصدق إن راس الكخيا عثمان القازدغلي المسلوخة و المحشية تبن دي  من سنتين بس صاحبها كان واقف بكل عظمة و أبهة و بيفتتح الجامع بتاعه و كان ساعتها (وافر الحرمة مسموع الكلمة)  زي الجبرتي ما بيقول !






مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock