عاممقالات

حرية الذات – ٢ –

كتب أحمد زينهم 

يعطي الانسان قيمة لاشياء حتي تمتلكه ، وعندما يمتلكها ويحصل عليها تتلاشي قيمتها بداخله حتي تنفلت من يديه ليشعر بقيمتها من جديد وقد يكرر رحلته مره اخري إليها .
لايُخلق الانسان وبداخله قيمة لشئ ، بل تتساوي الاشياء بداخله حتي يبدأ عقله وقلبه في تقيمها ، فيسعي لشئ دون الاخر لتتشكل في النهاية صورة حياته من خلال الاشياء التي اخدت مساحة بداخله اكبر من الاخري .
لو ان اهواء الانسان سيطرت علي تقيمه للاشياء دون تدخل من العقل ، ستجد في النهاية حياة الانسان في تسابق دائماً لكن دون ثمار او نتائج ، هرول نحو الكثير لكنه مازال مكانه لم يتحرك خطوة واحده ، يضيع ما في يده حتي يمتلك ماهو جديد ثم يتركه بحثاً عن شئ اخر ، دائرة لا تنتهي ولا تتوقف .
احياناً نعتقد ان شخص تسبب في ضياع حياتنا ، لكن الحقيقة هي اننا من اعطينا له المساحة بداخلنا حتي بدأ هو في التحكم في مشاعرنا ، وعندما قرر ان يترك مساحته بداخلك ، يتسبب هذا الفراغ الكبير في تذكرنا بالمشاعر السلبية ويذهب الكثير الي مرحلة الاكتئاب ، ولا يعود احدهم الا لو ملأ هذا الفراغ بشئ يدفعه خارج هذه الدائرة ، والبعض الاخر تبقي طاقته متركزه في هذا الفراغ تحترق من اجل الماضي .
هناك من يعطي الجانب الروحاني ” الديني ” المساحة الاكبر بداخله ليبدأ رحلة الزهد ويشعر بلذة التصوف واخر يريد ان يحقق شيئاً ولا يهدأ حتي يصل إليه ، واخر يخاف ان يحلم مفضلاً ان يختبئ خلف مكتبه لجني المال دون ان يغامر او ان يبتعد عن الاستقرار الروتيني ..
ليأتي بعد ذلك من هم دون ذلك ، فيعطي البعض قيمة لكلام من حوله ليتشكل كما يريدوا وليس كما يتمني ان يكون ، وهناك من يعطي المظهر القيمة العليا علي حساب الاهتمام بالجوهر ، لتجد قصته دون مضمون .
وغيرها من الاشياء التي تمتلكنا ليس لتزيدنا قيمة بل لتسرقنا من انفسنا ، لذلك مراجعة النفس عملية مستمرة لا تتوقف ، ليست فقط عندما يريد احد ان يتغير ، حتي اذا نجح في تغيره عليه ايضاً ان يراجع حساباته مره اخري لتطور اكثر او يعود عن طريق اخطأ في تقديره .


مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock