كتب / خطاب معوض خطاب
محمود مرسي …
الفنان الذي يتنفس إبداعا …
مدرس الإبتدائي ، المخرج الإذاعي و التليفزيوني و المسرحي ، الأستاذ بالمعهد العالي للفنون المسرحية و المعهد العالي للسينما ، صاحب الأداء المشحون بالصدق و العفوية ، صاحب الماركة المسجلة في التمثيل المتفرد الغير قابل للتقليد .
ولد بالأسكندرية في 7 يونيو 1923م ، والده مرسي بك محمد (مرسي بك محمود كما ذكرت سناء البيسي في الأهرام ) كان نقيبا لمحاميي الأسكندرية و عضوا لمجلس الشيوخ في العشرينيات و صاحب صالون يعقد كل خميس يحضره أصدقاؤه المشتغلين بالسياسة و الأدب و الثقافة و الفن و الطرب منهم سيد درويش الذي يقال إنه اقتبس أغنيته الشهيرة ( أنا هويت و انتهيت ليه بقى لوم العذول ) من تأوهات صديقه ( والد محمود مرسي ) الذي كان متزوجا من زوجتين و تعرض لضغوط اضطرته لطلاق زوجته الثانية ( أم محمود ) ، تزوجت الأم المطلقة من أحد الأثرياء فعانى الصغير محمود من التشتت بين زوجة الأب و زوج الأم و تم إلحاقه بمدرسة إيطالية داخلية بالأسكندرية ، و كان لهذة التنشئة عامل أساسي في تكوين شخصية محمود مرسي الإنسان و الفنان بعد ذلك .
حصل على البكالوريا بتفوق و التحق بكلية الآداب جامعة الأسكندرية قسم الفلسفة ، حصل على الليسانس و عمل كمدرس إبتدائي لكنه ترك التدريس و باع نصيبه في ميراثه و سافر فرنسا لدراسة الإخراج الإذاعي في معهد الإيديك و بعدما نفدت أمواله عمل مذيعا بالقسم العربي للإذاعة الفرنسية لكنهم فصلوه بسبب إذاعته لنبأ تأميم قناة السويس بإنفعال و فرحة فسافر إلى لندن و عمل مخرجا إذاعيا بالقسم العربي لإذاعة B.B.C مع بعض المصريين مثل الفنان أحمد خميس ، د.يوسف عزالدين عيسى لكنهم تركوا العمل بل تركوا لندن كلها و عادوا جميعا إلى مصر بعد نشوب العدوان الثلاثي على بورسعيد .
بعد عودته إلى مصر عمل مخرجا بالإذاعة المصرية و عند إفتتاح التليفزيون سافر إلى إيطاليا لدراسة الإخراج التليفزيوني ، اكتشفه سينمائيا المخرج نيازي مصطفى الذي أشركه في فيلم ( أنا الهارب ) و كان محمود مرسي وقتها قد قارب الأربعين من عمره ، تميزت أدواره السينائية التي لعبها و لا نتخيل أحد آخر يؤديها بدلا منه ، فقد كان ينتقي أدواره بعناية فائقة و كان يرفض الكثير من الأعمال السينمائية لأنها من وجهة نظره لا تقول شيئا لدرجة أن جميع أفلامه مثلها خلال الفترة من 1962م و 1975م و بعد ذلك لم يظهر إلا في فيلم حد السيف ، الجسر فقط .
من أشهر أعماله السينمائية : أنا الهارب ، الليلة الأخيرة ، أمير الدهاء ، أغنية على الممر ، ليل و قضبان ، شيء من الخوف ، سعد اليتيم ، السمان و الخريف ، الشحات ، أبناء الصمت ، الباب المفتوح ، فجر الإسلام ، حد السيف ، الجسر ، و من أشهر أعماله التليفزيونية : زينب و العرش ، العائلة ، رحلة السيد أبوالعلا البشري ، الرجل و الحصان ، العملاق ، عصفور النار ، بين القصرين ، لما التعلب فات ، بنات أفكاري ، أخرج محمود مرسي للإذاعة عدد من المسرحيات العالمية و للتليفزيون عددا من السهرات و المسلسلات منها : القطة ، الحب الكبير كما أخرج للمسرح عددا من المسرحيات منها : قصر الأحلام ، القضية و من أهم أعمالهوالإذاعية بطولته لمسلسل سنة أولى حب ، قاهر الظلام .
عمل الفنان محمود مرسي بالتدريس في المعهد العالي للفنون المسرحية و المعهد العالي للسينما في فترة من حياته ، تزوج مرة واحدة من الفنانة سميحة أيوب التي أنجبت له ابنه علاء الذي يعمل بالطب النفسي و انفصل عنها و لم يتزوج غيرها بعد وقوع الطلاق بينهما ، حصل على جائزة التمثيل الأولى عن فيلميه الليلة الأخيرة ، شيء من الخوف كما حصل على جائزة الدولة التقديرية في الفنون عام 2000م .
قال عنه الكاتب أسامة أنور عكاشة : إنه أفضل ممثل مصري في القرن العشرين و قالت عنه الفنانة سميحة أيوب : إنه كان عازفا زاهدا في كل شئ و ليس له أطماع و لا يحب الإستعراض ، كان طفلا خجولا و معتدا بنفسه و مدركا مساحة إمكاناته الهائلة و رغم إنفصالنا إلا أننا حافظنا على مستوى الصداقة بيننا . و من العجيب أن الفنان محمود مرسي حينما أحس بدنو أجله كتب نعيه بنفسه و أوصى بنشره كما كتبه و كان متفردا فى كتابته فلم يسبقه أحد.و لم يقلده أحد بعدها في كتابة النعي ، لم يكتب في نعيه أنه قريب فلان و فلان بل كتب : توفي محمود مرسي صديق فلان و فلان و كتب أسماء عدد من أصدقائه منهم : الكاتب إدوارد الخياط و المهندس ميشيل مرقس و الفنانة سميحة أيوب و الأستاذ محمد سعيد سلامة ، و كانت وفاته في 24 أبريل 2004م و هو يؤدي دوره في مسلسل وهج الصيف الذي لم يكمل تصويره و أدى الدور بدلا منه بعدها الفنان جميل راتب .
المصادر :
جريدة الأهرام الأعداد ( 46660 ، 42877 ، 40876 ) .
كتاب محمود مرسي عصفور الجنة و النار(كمال رمزي) .
جريدة الدستور الأصلي 26 أبريل 2010م .
جريدة الرأي الأردنية 25 يوليو 2005م .
جريدة المصري اليوم 23 أبريل 2011م .
جريدة الوسط البحرينية العدد 596 .
جريدة الشرق الأوسط العدد 9283 .