لغة جديدة .
كتب: أحمد زينهم
لم نكن علي استعداد لاستقبال هذا التطور ، بعد ان كنا نعاني من الجهل وما تسبب فيه من فراغ ، اصبحنا الان نعاني ماهو اشد ، نحن الان نقتل الفراغ بالوهم ، اننا الان نتحرك بعد سكون طويل ولكن بلا اتجاه او هدف ، اشبه بمسرحية هزلية لا اخراج فيها ولا مضمون .
القضية لم تعد قضية امة او دولة بل عدنا الي العصر الحجري وبات الانسان ذاته هو المشكلة الاولي ، تصدرت المادة علي العقل ، وكانت تلك الصورة هي الاوضح لاحتلال العقل وانحراف المفاهيم ..
شعور الانسان بالحياة يبدأ عندما يجد مايريد ان يحققه ، ذلك الشغف الذي يحركه مهما تقدمت به السنوات ، فاذا انحرف ذلك المفهوم ضاعت حياة الانسان علي اعتقاد خاطئ مهما بلغ حسن النوايا ، الان تجد الخلط الواضح بين الشهرة والنجاح ، واعتقاد البعض ان الاول يحقق بالضرورة الثاني دون النظر الي قيمة الفعل ، خطر السوشيال ميديا علي اجيال تسعي لذلك ، اعتقد انه ينافس خطر المخدرات والهوس الجنسي .
البعض يجد في الالحاد هو الوسيلة رغم انه مبني علي حجج هشه لكنها الوسيلة لتحقيق الشهرة عن طريق الاختلاف ، والاخر يري ان سخافته هي الحل .. لتجد ان ترهاته كانت سبب في شهرته بمساعدة من الاعلام بشكل عام حتي من انتقدوا ، واخري تعرت فكان خلف قناع الحرية رغم ان ابواب الدعارة مازالت مفتوحة ، والاعلام الذي يقدم يد العون لكل شكل دون اي معايير ، مهمته الاولي ان يملأ البث وان كان سيقتل اخرين ، فاعطي الشهرة لصاحب مكالمة جنسية علي حساب من هم احق من اساتذه ومخترعين وعلماء ومفكرين نراهم الان صدفة ، الفراغ الذي ملأ العقول وجاءت التطورات سريعاً لتكشف عنه في مشهد واضح ، وكأنه مشهد الاخرة والناس سكاري ولكن هنا ليس عذاباً من الله او خمراً ولكن جهل وتخلف ، فترنحت العقول .
فالعالم الذي افتعل حرباً بالامس وقتل فيها ملايين دون سبب ادرك الان ان اللعبة ليست بالسلاح وانما بالعقول ، فكان السلاح الذي قُتلت به الشعوب المتخلفة انفسها كان التطور والانفتاح جبراً ، هم الان داخل كل بيت في التليفزيون وفي ايدي كل شخص بل في عقولنا اجمعين .
انظر ايضاً الي الشائعات ونسبتها ، الخبر الكاذب حتي ينتشر لابد ان يجد تربة خصبة من عقول فارغة لا تفحص او تحلل .. لا تنتقد او تناقش .. لا تحاول الوصول الي زوايا الموضوع او احترام الرأي الاخر ، كما ان لغة الحرب تغيرت ايضاً لغة الاستعمارات تغيرت ، فأنت الان في ساحة اكبر وعقول فارغة واصوات عالية ، يمكن من خلال ثواني ان يُقلب الرأي العام وان يُشكك في كل شئ دون رصاصة واحده من اجلك .
اللجوء الي سياسة المنع لن يفيد غير انها عملياً مستحيلة مع هذا التطور ، ولاسبيل غير الاستثمار في العقول بشكل عام وخاص ، ليس فقط علي الدولة بل علينا اجمعين ، وما هذه الا جولة والحرب مازالت مستمرة ، ولا مكان لليأس فمن يؤمن بالله يؤمن بأن الحياة يكمن سرها في المحاولة الدائمة .