كتب . د. حامد محمد
هتخسر كتير لو كنت فاكر ان المساجد مجرد أماكن للعبادة , بيبنيها عباد الله الصالحين لمجرد إنهم ياخدوا ثواب و خلاص و هتخسر عشان ساعتها المساجد كلها هتبقى قطعية واحدة بالنسبالك بيوت لله لا أكتر و لا أقل ، و عمرك ما هتاخد بالك ساعتها من خصوصية كل مسجد ، و ازاي إن كل زاوية أو مسجد مهما كان صغير وراه سر بيميزه عن باقي المساجد و المسجد هو المكان الوحيد – دوناً عن أي مبنى أو مكان تاني – اللي بيلخص العلاقة بين اللي بناه و بين ربنا و الموضوع ده مش مرتبط إطلاقاً بالإيمان و التقوى و الحاجات دي , مرتبط بطريقة فهم الدين أصلاً .. يعني مثلا ..
في حدود سنة 543 هجرية ، واحد من خدم الخليفة الفاطمي الظافر بدين الله كان واقف على سطح بيت ، بيبص بعينه كده على زريبة الخرفان اللي جنب البيت ، لقى واحد جزار ماسك لامؤاخذة خروفين علشان يدبحهم ، الجزار دبح الخروف الأولاني ، و ساب السكينة جنبه و راح يجيب حاجة من برة الزريبة ، الخروف التاني مسك السكينة ببقه ، و جري رماها في البلاعة !
جه الجزار يدور على السكينة ملقهاش و الخادم جري على الخليفة الظافر و حكاله على اللي شافه ، الظافر مش مجرد حاكم عادي ، ده إمام فاطمي من سلسال الأئمة الفاطميين المقدسين ، الامام عند الشيعة الاسماعيلية درجة ملهاش مثيل و مرتبة كده بين البشر و الآلهة !
و بالتالي مينفعش حدوتة زي دي تكون ملهاش مغزى ، فالظافر اعتبر إن اللي حصل ده رسالة ليه شخصياً من الله فمنع دبح الخروف التاني ، و أمر إن الزريبة تتهد و يتبني مكانها جامع
جامع الظافر .:
اللي بعد كده بقى كتيرمن بياعين الفواكه يقفوا حواليه ، و ده اللي خلى الناس تنسى حكاية الظافر و خروفه ، و تعرف الجامع ده باسم جامع الفاكهانيين ! و مع الوقت حدوتة تانية تبدأ تستوي واحدة واحدة على نار هادية و حدوتة ولي من أولياء الله شغلته فكهاني .قال ايه ..هو اللي رمم الجامع ده !
حكاية سيدنا الفكهاني بقت مشهورة جدا ايام العثمانيين و لدرجة ان واحد من المماليك اسمه أحمد كتخدا الخربوطلي شاف سيدنا الفكهاني في المنام و أمره انه يجدد الجامع بتاعه
احمد الخربوطلي قرر بعد الرؤيا دي انه يهد الجامع و يبنيه من الاول على مية بيضا كده بروقان يليق بالفكهاني رضي الله عنه , بس الخربوطلي كان عنده مشكلة صغيرة فى ان فلوسه كلها حرام , لف على المشايخ يسألهم عن رأيهم في المشكلة فقالوله الحل انه يستلف فلوس حلال يجدد بيها الجامع و ده اللي حصل فعلا ..
الغريب ان أحمد الخربوطلي مخطرش على باله ان الفلوس اللي استلفها دي هيرجع يردها بعد كده من فلوسه الحرام تاني و يعني ودنك منين يا جحا و كل اللي كان مسيطر عليه انه ينفذ امر سيدنا الفكهاني و زي مايكون شايف إن تجديد الجامع أهم من إنه ياكل حرام و يظلم في مخاليق ربنا ..
و انته ماشي في الغورية و وسط محلات اللانجيري و جهاز العرايس , هتلاقي على شمالك جامع الفكهاني و ابقى افتكر و انته معدي عليه حكاية الخروف المعجزة و الوالي سيدنا الفكهاني اللي الناس اخترعوا حكايته و صدقوها !