شعر وحكاياتعام

أضغاث السراب


شعر : مصطفى الحاج حسين .
مالحٌ هذا الهواء
يزكمُ أجنحةَ الجّوع
يقفزُ خلفَ الورد
يغتصبُ أوردةَ العطر
ويعربدُ في حنجرةِ الدّمع
لا يأبهُ لاحتجاجاتِ الدّروبِ
ولا لشهيقِ الحجارةِ
في ضحكتهِ صدأ الغيم
وتهدّج الصّقيع الأسود
يتنفّسُ نبضَ شفاهنا
ويسقينا من رعدِ السٌماء
يقعي على أردافِ خيبتنا
يحاصرُ أضغاثَ السّراب
ولا ينفكّ عن بعثرةِ نهوضنا
هواءٌ من جلدِ العدم
ينفخُ في أحشاءِ السّعيرِ
يهطلُ من فوقنا جمرٌ
ينداحُ في صحراءِ دهشتنا
إنّه مضغُ الرّمل
أصابعُ الشّتات القارس
شدقُ الهاوية
انحدار هزيمتنا القصوى
تاريخ انتحارنا الجّماعي
قتلُ البياض
النّابت من عراءِ القلوبِ
هواءٌ أشعث القلب
أسودُ الملامحَ
أحمرُ الخطا
مدبّبُ الرؤى
يهاجمُ شرفات تآخينا
يشرذمُ دفءَ التألّق
يمحقُ بسماتنا
يشنقُ قبلاتنا
ينفثُ في بيوتنا
اعصارَ الكرهِ والمجون
يقتلعُ بهاء الندى
من جذورِ أرواحنا
إنّهُ موسمُ الهلاكَ الجّانح
حصادُ الفاجعة
سوّرَ البلاد بظلّهِ
اقتحمَ مملكة النّرجس
هبَّ علينا من أصقاعِ الكفرِ
ومن لحاءِ رغيفنا
الذي كنّا نتقاسمه *
مصطفى الحاج حسين .
إسطنبول

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock