كتب . د. ياسر منجى
كان الناقد المصري الراحل “أحمد فؤاد سليم” قد تناول بالتحليل أغلب أعمال “صبحي جرجس” – ومن بينها الأعمال البادية في الصور المصاحبة – في مقالٍ له بعنوان “صبحي جرجس، مَثّالٌ بلا مَثيل”، نُشِرَ للمرة الأولى في 19يونيو 2007، وأعيد نَشرُه ضِمن كتاب “الفن وأحواله”،
مجموعة من أعمال النحات المصري الراحل “صبحي جرجس” (1929 – 2013)، وجميعُها مُنَفَّذة بخامة النحاس.
كان الناقد المصري الراحل “أحمد فؤاد سليم” قد تناول بالتحليل أغلب أعمال “صبحي جرجس” – ومن بينها الأعمال البادية في الصور المصاحبة – في مقالٍ له بعنوان “صبحي جرجس، مَثّالٌ بلا مَثيل”، نُشِرَ للمرة الأولى في 19يونيو 2007، وأعيد نَشرُه ضِمن كتاب “الفن وأحواله”،
الصادر عن “سلسلة الإصدارات الخاصة”، من “الهيئة العامة لقصور الثقافة”، 2009، ص 281 و282، قائلاً:
“….. أننا أمام تماثيله نجد أنفسنا بعيدين عن مسئولية استكمال العمل الفني في خيالنا، على عكس الحـال مثلاً لو تـأملنـا منحـوتة لـ”السجيـني”، أو لـ”آدم حنين”، أو لـ”أحـمد عبـد الوهاب”، أو غيـرهم من المُحْدَثين .فـثمَّـة حَدَثٌ عنـد “صبحي جـرجس” يعفـينـا من مسئـولية اسـتكمـال إنتاج العمل،
أي يجردنا من ذكرياتنا القريبة والبعيدة; إذْ تنطوي منحوتات “صبحي جرجس” على قوة كـمثل طقس الطـبيعة; فـحين نلتقـى تماثيله نـظن أننا رأينـاها دائمًا، وأنـها هكذا وُجِدَتْ، بل وكأنـنا عرفـناها مـنذ طفـولتنـا إلى كهولـتنا، وأن جَـدَّاتِنَا طـالما حدثننا بـشأنهـا، فإذا علت الـدهشـة وجوهَـنَا قامـت الجدات بـقص الأوراق على شـكل عرائس مـصلـوبة كـمثل مـا نحـتها
“صبحى جرجس” في زمانه……. يصنع “صبحي جرجس” الطير والحيوان والزواحف، وبقايا عظام آدمية، وأطراف بشرية عـلى أسِنّة عاليـة من الحديد الخردة، فيـرجئ خلاصها، ويُعوِّقُهـا من فعل إدراك العالم، كونه يرهنها على تلك الأسِنّة ويتركها لعذابها الكوني. من هـاهنـا يـقتـرب “صـبحي جـرجس”
من عـالم “بـاري فلانجان”، بمـثل مـا يبـتـعد عـنه; فـهذا الأخير بدوره قام باختيار حيوان الأرنب في منحوتاته وثبَّتها فوق خوازيق حديدية. وإنما ليس فـي الحياة أزهى من الاحـتفال بخـلق الشيء. وهـذا هو الفارق بـبن “جرجس” و”فلانجان”. إن “جـرجس”
ينحت الشيء كما وجـده في جوفه، بينما “فلانجـان” ينحت الشيء كما يـنبغي أن يكون عليه ظاهره; ذلك أن “صبحي جرجس” يعطي ذاته ويتنبأ، و”فلانجان” يقف خارج العالم ويعلن احتجاجه، غير أن “صبـحي جرجس” جـاء من طـينـة العـابد المـصريـة، ويملك روحًـا قـادرة على نـسخ نفـسهـا في الطـير الذي يعرف بفطرته الطريق إلى بيته القديم حيث وُلِد”.