كتب . ابو العلا خليل
تربة سيدى ابى السعود بن ابى العشائر اسفل جبل المقطم … شاع قيام الصوفية ببناء زوايا لهم على ضفاف الخليج ومن أشهر هذه الزوايا زاوية الشيخ ابى العباس القره باغى – والقره باغى نسبة الى قره باغ من قرى همذان- وكانت الزاوية تقع عند باب القنطرة ومحلها اليوم أخر شارع امير الجيوش مطلا على ميدان باب الشعرية .
يذكر شمس الدين بن الزيات فى الكوكب السيارة فى ترتيب الزيارة (لما احتضر الشيخ ابى العباس القره باغى سأله مريديه : يا سيدى من يكون بعدك على هذه الزاوية يأخذ العهد ويربى الفقراء ؟ فقال : ليس فى الجماعة من يجلس مكانى وانما يجلس مكانى رجل يأتى من العراق من بلاد واسط ومعه جماعة من اصحابه فيدخل هنا ويصلى صلاة الظهر ويجلس بهذا المكان ويأخذ العهد ويربى المريدين ).
فلما مات الشيخ انتظر مريدوه وهم يعلمون صدق حديث شيخهم الراحل . وبعد ايام حضر الى مصر الشيخ ابى السعود بن ابى العشائر الباذبينى – وباذبين نسبة الى بلدة باذبين بقرب واسط بالعراق- فمر على زاوية الشيخ ابى العباس القره باغى عند باب القنطرة ، فلما وصل الى الزاوية – والحديث لصاحب الكواكب السيارة – أذن الظهر وكان من عادة الشيخ انه مايمشى هو واصحابه الا على وضوء وأى مكان سمعوا فيه الآذان صلوا فيه .
فقال لأصحابه : هنا ندخل نصلى . فدخل فصلى هو واصحابه وجلس بالزاوية . وسمع الشيخ ابوالسعود بن ابى العشائر صوت اقدام تمشى على سطح الزاوية وكانت السيده ام عبدالهادى ارملة الشيخ الراحل القره باغى . فقال الشيخ ابى السعود بن ابى العشائر : لا اله الا الله صاحب هذه الزاوية توفى وهذه التى تمشى على السطح زوجته وقد قرب انقضاء عدتها وهاهنا يكون مقامنا ان شاء الله ). وتحقق ماتنبأ به الشيخ القره باغى اذ خلفه الشيخ ابى السعود بن ابى العشائر القادم من بلاد واسط بالعراق فى زاويته وفرشته وتربية مريديه
وعرفت الزاوية بعدها بزاوية ابى السعود بن ابى العشائر بعدما كانت تعرف بزاوية ابى العباس القره باغى . وصارت الزاوية بعدها مقصد ملوك ووجهاء مصر يبتغون رضى الشيخ وبركته وممن تردد عليها السلطان الكامل الأيوبى والسلطان الصالح نجم الدين ايوب حتى كان الواحد منهم يقعد على ركبتيه بين يديه كالعبد المملوك مع كونهما من أعظم الملوك . وكانت عادة سيدى ابى السعود بن ابى العشائر مع فقراء زاويته التوسعة فى المأكل والمشرب حتى كان يمد لهم الحلو والأطعمة المفتخرة وكان غيره يطعم مريديه القراقيش والليمون المالح .
يذكر السخاوى فى تحفة الأحباب ( وكان رحمه الله اذا دخل مجتمعا او وليمة يسمع عند خلع نعليه أنينا كأنين المريض فسئل عن ذلك فقال : هى أنفسنا نخلعها عند خلع النعال اذا اجتمعنا بالناس خشية التكبر ). يذكر ابن اياس فى بدائع الزهورفى وقائع الدهور( وفى يوم الأحد تاسع شوال سنة 644هـ توفى الشيخ العارف بالله قطب الوجود سيدى ابى السعود بن ابى العشائر عن عمر ناهز سبعة وستين عاما وخرج مشهده من زاويته التى عند باب القنطرة ودفن من يومه بسفح جبل المقطم بالقرافة الصغرى رضى الله عنه )..