خوند بركة و ابنها السلطان شعبان …
كتب / خطاب معوض خطاب
عندما كانت تنفق مصر على أهل الحجاز …
احترت كثيرا عندما فكرت في الكتابة في هذا الموضوع !!! من أي زاوية أكتب ؟ هل أكتب عن الأثر الكائن بشارع باب الوزير و المعروف باسم مدرسة أم السلطان شعبان و عن فخامته و إبداعه و بهائه ؟ أم أكتب عن مصر وقتما كانت أسماء النساء ليست عورة يستحي الأبناء من ذكرها ؟ أم أكتب عن صراعات أمراء المماليك الذين كانوا يتحكمون في السلاطين و من يخرج عن طوعهم يعزلوه و يسجنوه أو يقتلوه و في جميع الأحوال يأتوا بغيره و يجعلوه حاكما تحكمون هم مصر من ورائه ؟ و أخيرا قررت الكتابة عن السلطان الأشرف شعبان بن حشين بن الناصر محمد بن قلاوون و أمه خوند بركة و أعمال الخير و البر التي أثرت عنهما .
خوند بركة (السيدة بركة) جركسية الأصل و من أشهر سيدات العصر المملوكي و هي و إن لم تكن زوجة لسلطان إلا أنها لقبت بأم السلطان لأن ابنها أصبح سلطانا على مصر و هي كانت زوجة للأمير حسين بن السلطان الناصر محمد و أخو السلطان حسن عرفت بجمالها الشديد و حبها لفعل الخير بكل صوره و لقد خرجت للحج في موكب كبير سنة 770 هجرية و اصطحبت معها 100 بعير محملة من خيرات مصر هدية لأهل مكة و المدينة و عم خيرها أنحاء الحجاز لدرجة أنهم أطلقوا على عام حجها (عام أم السلطان) و في نفس العام تم افتتاح مدرسة أم السلطان شعبان الموجودة في باب الوزير و ملحق بها مسجد و سبيل و كتاب و حوض ليشرب منه الدواب .
أما السلطان الأشرف شعبان فهو الوحيد من أحفاد السلطان قلاوون الذي ولي السلطنة و لم يكن والده سلطانا فقد تولى الحكم و هو ابن 10 سنين بعد عزل ابن عمه المنصور ابن المظفر حاجي ابن الناصر محمد من قبل الأمراء الذين جعلوا الأشرف شعبان سلطانا ليحكموا البلاد و يتحكموا فيها من ورائه و كانت أمه تقف معه و تسانده و ترعاه و تنصحه حتى أحكم سيطرته على البلاد بمساعدة الأمير من ثيابهم (أولجاي اليوسفي) الذي تزوج من والدة السلطان خوند بركة و بالفعل انفرد السلطان شعبان بالحكم بعدما تخلص من الأمراء الذين كانوا يحكمون البلاد و يخشاهم من قبل .
اهتم السلطان شعبان بالحجاز و تولى أمر الحرمين الشريفين بمكة و المدينة و أوقف لهما الأوقاف التي أنفق من ريعها على البلدين و اهتم بعمارة الحرمين الشريفين و اهتم بتعليم الحديث و التدريس بهما و الأكثر أنه تولى الإنفاق على فقراء و أيتام و أرامل مكة و المدينة و كان يرسل لهم الطعام و الكساء بل و كان يرسل لهم (الإبر و الخيوط) ليرتقوا ما تقطع و أنشأ بيمارستان (مستشفى) في مكة و خصص له ما يلزم من طبيب و قائمين على التمريض و أدوية و الأكثر من ذلك أنه تولى أمر تكفين موتاهم على نفقته الخاصة فكان يشتري الأكفان و يدفع أجرة من يقوم بالغسل و التكفين و الدفن و أوقف المكوس (الضرائب) التي كان يفرضها أميرا مكة و المدينة على الحجيج و عوضهما بعطية فخصص 160 ألف درهم لأمير مكة كما خصص 100 ألف لأمير المدينة .
لم يعمر الأشرف شعبان طويلا حيث اتئمر عليه أمراء المماليك و قتلوه و عمره 24 عاما و تم دفنه في قبته بمدرسة أم السلطان شعبان سنة 778 هجرية و دفن معه بعد ذلك بنفس القبة ابنه المنصور حاجي بينما دفن بالقبة الأخرى خوند بركة أم السلطان شعبان التي توفت سنة 774 هجرية و أخته خوند زهرة .
المصادر :
كتاب الدليل الموجز لأهم الآثار الإسلامية و القبطية بالقاهرة (د.أبو الحمد محمود فرغلي) .
مقال راشد بن سعد بن راشد القحطاني (مجلة البيان العدد 312) .
جريدة البيان الإماراتية 5 أغسطس 2011م .
جريدة الإتحاد الإماراتية 4 يناير 20144م .