شعر وحكاياتعام
نقش على جدران الخيال
بقلم الاديب / عميد أركان حرب / رؤوف جنيدى
فى ليلة طاف فيها خيالى يكشف الغطاء عن مكنونات نفسى . باحثا عن صورة ارتسمت على جدرانه . يشعر بنعومة فرشاه تضع بعضا من رتوشى . تؤلمنى برفق وخزات تشق سكون ملامحى التى اعتلت قسمات وجهى الحائر بلهفة . أن ثمة شئ يعيد صياغتى . يعيد رسمى الى صورة هى الاجمل فى عين رسامتى الممسكة بريشتها وبزمام امورى . تلك التى تتربع على ناصية عمرى . مختالة على قارعة طرقاتى . مرابضة عند مدخل شريانى ……..
جال خاطرى عبر أزقة نفسى وحوارييها . يسرع الخطى فى بهو يتردد فيه صدى لهاثى وفحيح أنفاسى . تتدحرج أمامى ضربات قلبى . ترتطم بقدماى ككرات صغيرات تعوق خطاى . افسح لنفسى طريقا بينها . تقودنى قدماى واذناى الى صوت مخملى قادم من اعماقها .
اسمع رجعه يتردد فى إحدى غرفاتى . صوت ناعم نعومة الوانها . حان حنو فرشاتها . أهرول مسرعا فى طرقات تفضى الى طرقات . أدخل غرفا تفضى الى غرف . يزداد من حولى طنينها . تدندن بأجمل الكلمات . اشعر باقترابى كلما اقتربت من الصوت . تنهمر جدائل احساسها عبر أروقة نفسى .
تحملنى إلى أعلى . تتباعد قدماى عن الأرض . اسير فى الفراغ . اسبح فوق موجات رقائق نسماتها التى تملأ المكان شذى وعذوبة . اقتربت منها مع قرب اكتمال ملامحى . وصلت . أدركت مرسمها . وقفت ببابه . رأيتها دون أن ترانى . ممسكة بيمينها بالفرشاة . وبشمالها لوحة الوانها . وجدتها ترسمنى . تضع لمساتى وهى تغنى . وقفت ببابها مشدوها . نظرت الى لوحتها . سرعان ما تحسست وجهى باحثا عن نعومة الوانها . تحسست قسماتى برفق مكفكفا وخزات فرشاتها . أرقبها ترسم وتغنى . تهادى الى سمعى حرير شفتيها الذى تنبئ رقته أنه إحدى روائع نجاة الصغيرة ( حبك حياتى ) .
ترسم صفحة وجهى وهى تقول : غايب وللا حاضر وللا ناسى مش هنساك …. ترسم عيناى وتقول : ظالم وللا حنين وللا قاسى قلبى معاك …. ابتعدت للخلف قليلا ثم عادت تزيد من سمرة عينى كما أنا وهى تقول : يا أمل بكرة … عندئذ لمعت عيناى فى الصورة وتحركت جفونى . دققت نظرها فى خوف وتراجعت قليلا . وقالت وكأنها تنادينى : يا أحلى ذكرياتى . عندئذ قمت . نهضت من لوحتها . تمثلت لها بشرا سويا . هالنى قيامى . أفزعتنى صحوتى . صحت بصوت عال . استدارت خائفة الى الخلف الى مصدر الصوت . وجدتنى واقفا بباب مرسمها . زاد اضطرابها . أغمضت عينيها ووضعت راحتيها فوق صدرها قليلا حتى أفاقت . نظرت ومدت لى يديها . أمسكت بيديها فقالت : رافقنى فرافقتها الى لوحتها . عبرنا حاجزها .
خطونا معا الى داخل اللوحة فى رحلة أبدية سرمدية . الى ما وراء الإدراك . الى ما وراء الواقع ……. صحوت من نومى . تحسست وجهى فإذا به تعلوه بقايا الوانها وآثار وخزات فرشاتها . تتدلى من حولى قصاصات غلافى الذى فضته عنى بالأمس . ناجيتها سائلا …… مولاتى أين كنت؟ قالت : كنت فى محرابى حيث لا يراك الا انا ……… وحيث نقشتك على جدران خيالى ……….