يقع دير مار جرجس الحميراء البطريركي في قرية المشتاية في وادي النضارة قضاء تلكلخ (55كم غرب مدينة حمص)، بين حمص و طرابلس وبالقرب من قلعة الحصن.
يرجع عهده إلى القرن السادس الميلادي في زمن الإمبراطور يوستنيانوس كما تذكر المراجع العربية والأجنبية.
وقد بني على اسم القديس الشهيد جاورجيوس (جرجس عند المؤرخ الطبري)، وغير النصارى يدعونه سيدنا الخضر أبو العباس.
والمرجح أن اسمه الحميراء نسبة إلى موقع أثري اسمه الحميرا قريب منه، ويرجح أن يكون موقعاً لقرية قديمة كانت تحمل هذا الاسم نسبة إلى إله المطر عند الشعوب القديمة.
ويرجع بعض الدارسين لفظة حميراء إلى الكلمة اليونانية (خوميروس) التي تعني السيل، والمنطقة معرضة للأمطار الغزيرة والسيول في فصل الشتاء.
كما يقال بأن الدير شيد على أنقاض هيكل وثني للإله (هوميرا)
وإن صح القول فإن الدير القديم يكون قد بني على أنقاض الهيكل هوميرا في القرن السادس الميلادي وهو معاصر لدير صيدنايا البطريركي. فيما رجح بعضهم أن الإمبراطور يوسنيانوس البيزنطي هو الذي بنى الديرين معاً.
ومن المحتمل أيضاً أن تكون تسمية الدير معربة عن الكلمة اليونانية (أُمويِّيرس) وتعني (الأخوية الروحية ذات الحياة المشتركة).
بني هذا الدير على الطريق الروماني العام المؤدي من السواحل البحرية إلى البلاد الداخلية كحمص وتدمر وعبر الصحراء. وقد كان في بداية الأمر كهفاً تحيط به بعض المساكن البسيطة للرهبان الذين كانوا موجودين في تلك المنطقة.
وفي هذا الطابق كنيسة تسمى القديمة نسبة إلى الجديدة في الطابق الثالث، حيث يقوم سقفها على عقد معلق في الجدران وفيه حامل أيقونات خشبيّ غاية في الدقة والإتقان، يحوي
تكبير الصورة
مجموعة رائعة من الأيقونات التي تنتمي إلى مدرسة عربية في رسم الأيقونات من أول القرن الثامن عشر ورثت الفن البيزنطي وأعطته سمات محلية خاصة. وكثيراً ما استهوى هذا الفن هواة الأيقونات فغامرت عصابة منهم بسرقة أيقونة مارجرجس، ووصلت إلى لندن حيث عرض فيها مبلغ (25) ألف جنيه إسترليني ثم عثر عليها البوليس الدولي وأعيدت إلى الدير.
أما الطابق الثالث الحديث ففيه كنيسة فخمة من القرن التاسع عشر، لها قبة عالية ترى من بعيد وفيها حامل أيقونات (أيقونسطاس) بديع النقش يعد من أهم الأيقونسطاسات الخشبية في كنائس سورية ولبنان وقد دام صنعه مدة أربع وثلاثين عاماً، وأيقوناته من صنع مدرسة القدس في القرن التاسع عشر.
ويوجد في خزانة الدير أواني كنسية من كؤوس وصواني وصلبان وغيرها، تعد من أهم الكنوز الفريدة في العالم المسيحي، كما توجد أيضاً مخطوطات ووثائق أخرى وكتب تواصي وامتيازات من العهد العربي وهدايا من ملوك الأرمن والكرج والروس
والدير يتبع لبطريركية الروم الأرثوذكس وهو مسجل بين آثار سورية المهمة والذي يشكل مع قلعة الحصن مكاناً سياحياً هاماً، حيث يقع في وادٍ تحيط به تلال دائمة الخضرة وبالقرب منه نبع ومنتزه الفوار، هذا فضلاً عن قيمته الدينية الخاصة إذ يؤمه الناس من جميع الأديان والطوائف والأجناس، يحملون إليه النذور والهدايا ويكرمون عجائب شفيعه.
في الدير نحو خمس وخمسون غرفة صالحة للسكن تغص بالزائرين مرتين كل عام في احتفالين كبيرين الأول في (6) أيار عيد مارجرجس، والثاني في (14) أيلول عيد الصليب.