عاممقالات

استاذ الفلسفة بعين شمس يشخص امراض المجتمع المصرى ويوصف له روشتة العلاج





الدكتور :حسين على

• الفلسفة: هى البحث عن الأسباب الحقيقية للظواهر ولا تقف امام الأسباب المنظورة او الملموسة.

• لاتوجد فى مصر فلسفة لأنها لاتستطيع ان تعيش وتحيا بدون حرية.

• الزمن وحدة سيكشف لنا لماذا فشلت ثورة يناير ومن وراء فشلها.

• رجال الدين عملوا هجمة شرسة ضد العلمانية وربطوا بينها وبين الإلحاد.

• نحن فى حاجة الى تطبيق القانون وإحترام الدستور.

• لابد من إعطاء فرصة لأصحاب الفكر المستنير والتنويرى والمثقفين الحقيقيين لمواجة الإرهاب.
حاوره: عماد وديع
على مدار ثلاث ساعات، حاورت سحر الحياة ، الدكتور حسين على استاذ الفلسفة بعين شمس ، رغم بعض متاعبه الصحية وضغوط العمل لكنه فتح قلبه لنا ، ومع تواضع العلماء اجاب على كل المواضيع التى اثارناها بصراحة ووضوح غير مسبوق ، وهو الأب الروحى لكل طلابه ، والصديق والزميل الوفى لأصدقائه ومؤلف العديد من الكتب ، وصاحب القلم الحر فى كثير من الجرائد، والضيف الدائم على الكثير من البرامج الحواريه التى تهتم بألفكر والثقافة وتقديم الحلول لمشاكل المجتمع المصرى ، كما إنه قدم تعريف ووضح مفهوم الفلسفة بشكل مبسط وتشويق يجعلنا نقرأ كتب الفلسفة بعد هذا الحوار الرائع، واتركم تستمتعون به الأن.

يتفضل الدكتورحسين على بتقديم نفسه لقراء سحر الحياة ؟
د كتور حسين على استاذ المنطق وفلسفة العلوم بأداب عين شمس وامين اللجنة الدائمة لترقية الاساتذة والاساتذة المساعدين بألمجلس الأعلى للجامعات تخصص فلسفة ،وعضو اللجنة العليا بأخلاقيات البحث العلمى بجامعة عين شمس، وعضو اتحاد الكتاب المصرين .

– هل يمكن ان يكون هناك تعريف مبسط للفلسفة يستطيع الجميع ان يفهمه ؟
المواطن البسيط لديه فكرة خاطئة عن الفلسفة، بأنها الجنون والإلحاد 
والغموض، وهذا الفكر تكون من مجتمع معادى للعقل وهناك امثلة شعبية تشير لذالك مثل روح ياإبنى ربنا يكفيك شر الفكر، كأن الفكر شر كما توجد راحة كبيرة للخرافات والخزعبلات ، ومن هنا وجد التباس بين الرجل العادى ورجل الفلسفة .
والفلسفة ببساطة هى البحث عن العلل البعيدة كما وصفها ارسطو وكثير من الفلاسفة ، وتعنى البحث عن الأسباب الحقيقة ، ولا تقف امام الأسباب المنظورة او الملموسة، ولكنها تبحث عن جذرالمشكلة وحلها، مثل وجود تعطل للمرور ، الرجل العادى ينظر إليها على إنها نتيجة ان ظابط المرور لا يقوم بواجبه او ان الشوارع ضيقة ، ولكن الفلسفة تبحث عن ابعد من ذالك ، وتخبرك ان السبب الحقيقى هو ان النظام لايحترم اوغير موجود اصلاً، او إن نظام الحكم غير حريص لكى يضع قوانين صارمة لمنع الفوضى، واشغال الطرق المرورية .
اذن الفلسفة هى: الوضوح، والدقة والإحكام ، بعكس ما يشاع بأنها غموض وإضطراب .


عندماتتحاور الناس مع بعضها ويحتد النقاش و الخلاف بينهم يقول احدهم للأخرانت هاتتفلسف عليا ما معنى هذه العبارة ؟
كما قلت الناس عندها فكرة خاطئة عن الفلسفة ، إنها غامضة وغير مفهومة لذلك اى إنسان لايفهم الكلام اللى يقال له ويكون غامض عليه يربطه بألفلسفة الغامضة والغير مفهومة له ايضا، يقول لمحدثه انت هاتتفلسف عليا ، لأنه مش قادر يفهم اللى بيكلمه، مثلاً المعلق الكروى مدحت شلبى ، يصف لاعب ماسك كرة ومش عارف يمررها ومضطرب بها ، فيتهمه المعلق قائلا انت هاتتفلسف بألكره ليه، كأن الفلسفة هى الاضطراب وعدم المعرفة ولأن المعلق جاهل بمعنى الفلسفة يقول هذا، وللأسف يذاع هذا على الملايين من الناس ويساء بذالك لمعنى الفلسفة الحقيقى . 
والتفلسف:هوالإقناع والتحليل المنطقى والرؤى البعيدة والدقة والفلسفة لا تأخذ الإمور على انها مسلمة إلا اذا كانت صحيحة، وثبت ذالك بشكل علمى، ولأننا عندنا عقول متحجرة، وفكر واحد سائد متخلف ولا يوجد تنوع ، ولا قبول للأخر،وكله عندنا حاجة واحدة، لا احد يبنى حضارة او احد يبنى بلداً، ولم نتعود على الإختلاف، وهذا مرتبط بالتربية والنظام السياسى السائد.
لابد ان نتعامل مع الأشياء بألدهشة وليس على إنها امور مفروضة علينا . لا يوجد لدينا حدس او استقراء او استنباط او رؤى، او نقد وفحص، و كلما نظرت للأشياء القديمة من منظور جديد، سوف تكتشف اشياءوحقائق اخرى جديدة، ولكن لاتنظر للأمور على انها امور ثابتة.
لماذا يكره رجال الدين الفلسفة ورجالها؟
لا يجب ان نأخذ هذا السؤال على وجه التعميم لأننا لدينا فلاسفة من رجال الدين مثل توما الإكوينى، ولدينا الشيخ الغزالى، وله كتب كثيرة فى الفلسفة ، ولكن نقول ان الناس المتعصبة لدين او لفكر معين ، هم المعادين للفلسفة ، لأنهم اتجاه واحد ورؤية واحدة ولا يقبلون التعدد .
الفلسفة هى التنوع والتعدد، والنقد هو جوهر الفلسفة، والمتعصبون هم الذين فقط لايقبلون نقدا او رأياً مخالفا ً اخر، وكأنهم يملكون الحقيقة وللأسف الناس بتسير ورأئهم ولا يفحصوا ما يقولونه ويأخذوا كل شيىء على إنه من المسلمات فلان قال ، وكأن هذا الإنسان الذى قال لا يخطىء. 
الجميع خانعين لرجال الدين المتعصبة، وحكام مستبدين.
من هم الفلاسفة الذين كانوا ضحايا لرجال الدين مثل الفيلسوف العربى ابن رشد والفيلسوفة هيبتيا ؟
الفكر الحر بيحارب من اى إنسان او بشر ، وليس فقط من رجال الدين ، سقراط مثلا لم يكن ضحية رجال دين ولم يكن هناك دين سماوى فى ذالك الوقت ، ومع ذالك حكم عليه بألإعدام بألسم بعد إتهامه بأنه يحرض ويفسد الشباب، كما حكم بألإعدام على بروتاس غوراس، وتم إتهامه بأنه يكفر بالألهة ، ولم يكن بوقتها كتاب سماوى بل كانت هناك اديان شعبية وتعدد الهة .
الفكر بيحارب، ولا اقول إنه بين الدين والفلسفة وإنما بين عقول متحجرة وبين الفلسفة، عقول لا تقبل الأخر وتضطهد الأراء المخالفة له . 
ما هى الصعوبات التى تواجة الفلسفة الأن فى مصر ولكى تعود رائدة كما كانت من قبل ؟
لا توجد فلسفة فى مصر ، لأن وجودها يتطلب اجواء ومناخ من الحرية ، ولا يمكن ان تعيش الفلسفة بدون حرية .
نحن نعيش ونقتاد على الغرب، وكل الرسائل من ماجستيرات او دكتوارة مأخوذة عن الفلاسفة الغربين مثل ديكارت وهيجل ، ولو تكلمنا عن الفلسفة فى مصر، سانسأل اين النزعة العلمية عند طه حسين وسلامه موسى لايوجد، وان حاولنا ان نكون فلسفة فى مصر ينبغى ان يكون هناك تراكمات إنتاجية وبها يكتمل فى النهاية بفلسفة ذات طابع مصرياً .
لابد من ان نستخدم ونستفيد ونتعلم من تلك الرسائل بدون قيد، سواء كان قيد سياسى او دينى . 
الفلسفة تحتاج الى حرية مطلقة، والقيد الوحيد لها هو العقل و اذا اشترطوا ان الفلسفة لايجب ان تمس الذات الملكية او السياسية وغيرها ،لا تكون اذن هذه فلسفة .


من هو الفيلسوف الذى اثر فى شخصية الدكتور حسين على؟
سلامه موسى اول من اثر فى شخصيتى ،و كان كاتب ومفكر مصرى ظهر فى الثلاثنيات من القرن الماضى ، وتوفى سنة 58 19 وكان كاتب اسلوبه متميز، وكتاباتة تشبه بأنها تلغرافيا ً بمعنى الفكرة والعبارة تكتب على قدر المعنى، كما تميز بأنه يشجع التفكير العلمى ، ومحاربة للخرافات والخزعبلات .
وله كتب كثيرة منها هولأء علمونى، تربية سلامه موسى، وايضا مختارات سلامه موسى.
قرأت كتاب اسمه فلاسفة غيرو ا العالم للدكتور محمد مصطفى النشار، 
هل فعلاً تغير العالم للأفضل يكون عن طريق الفلاسفة ؟
فعلاً هو كتاب رائع ، ويتناول فيه مجموعة من الفلاسفة هم اللذين كان لهم دوراً فى تغير العالم لأن الحاجة والتقدم تبدأ بفكرة فى الأول، بتفكر فى الحاجة اللى سوف تقوم بها ، وبعد ذالك تقوم بتنفيذها، اذن الأفكار هى التى تحرك الأنسان .
لماذا انتشر العنف والقسوة بقوة فى هذا الوقت من الزمن ؟
العنف موجود فى كل مكان وفى كل مجتمع ، ولا نقدر ان نقول إننا نحيا فى مجتمع من الملائكة ، والعنف والشر موجودين فى كل منطقة فى مصر وغيرها ، عندك ما يحدث فى سوريا واليمن وليبيا والعراق وللأسف فى الغرب يوجد عنف ايضاً.

لماذا فشلت ثورات الربيع العربى واقصد مصر على وجه الدقة؟
لانقدران نحكم على ذالك، لاننا قريبين من هذه الثورات واحداثها ولكن بعد مرور فترات زمنية سنكتشف اموراً اخرى، لماذا فشلت هذه الثورات العظيمة ، ومن وراء فشلها ، ومن ساعد ودبر فى فشلها؟
ومن الواضح ان الجماعات الإسلامية من احد اسباب فشلها وحاولت ان تقضى على هذه الثورة النقية ، وحولت النتائج الى صفر كما ان النظم السياسية الإستبدادية كانت حريصة على انها تبقى فى الحكم وتستمر، وحرصت على ان توجد فوضى وعدم استقرار أمنى ، حتى رجل الشارع بعد ان كان مؤيد للثورة اصبح يكرهها بعد ان كان يحبها، وندم على القيام بها لانه وجد ان البلد اصبحت فوضى، وإختفاء الأمن ، ولكن فى المستقبل نستطيع ان نعرف لماذا الأمن اختفى فى هذه الفترة بشكل متعمد، وهل هناك قوى داخلية او خارجية وراء ذالك ؟
لماذا العلمانية غيرمرحب بها فى مصر والوطن العربى ؟
العلمانية تعنى فصل الدين عن الدولة ، يعنى رجال الدين لايحكموا والشرائع السماوية للعبادة فقط وداخل المساجد، واللى عايز يتدين يروح يتدين ، ولكن لاتحكم ولا تتحكم فى الحياة المدنية .
كما ان رجال الدين عملوا هجمة شرسة ضد العلمانية، وربطوا بينها وبين الألحاد .
علمانية يعنى الحاد
علمانى يعنى ملحد
ونجد ان العلمانى قد يكون اكثر ايماناً من رجل الدين نفسه ، لان رجل الدين يرى إنه الوحيد اللى صح، وإن كان هناك تعدد فى الأديان والمذاهب هو يريد فقط ان يسيطر عليهم كلهم، طيب هاتعمل ايه مع المختلف معك هل ستعلق له المشانق يعنى .
لذالك نجد ان العلمانية فقط هى التى ترحب بالجميع ولاتنحاز لأحد .
لماذا انسحب المثقفين من الحياة الثقافية العامة وتركوا فراغاً استغله رجال الدين والمتأسلمين فى السيطرة على عقول الكثير من الناس البسطاء وعلى فكرهم؟
هذا سؤال جميل فعلا ،ً ولكن لانستطيع التعميم حيث نجد ان ثقافة كل مجتمع ان المثقف عايش لنفسه ، ولصالح مصلحتة وليست مصلحة
المجتمع ، والإنسان المثقف قد يكون اسوء من الإنسان العادى، لانه يملك الإقناع و الظهور، وكلامه دائما مغلفاً بألسلوفان براق وممكن ان يكون ظاهره رحمة وباطنه عذاب ، والمثقف ممكن ان يكون بطانة للسلطة لتحقيق مكاسب اجتماعية، وسياسية واقتصادية .
وعندما نتكلم عن المثقفين، لا تظنوا اننا نتكلم عن ملائكة وإنما عن بشر لهم اخطاء وخطايا ونجد ان النخبة تظهر على الفضائيات والتوك شو، وناس تأكل على كل مائدة ، وعملوا ثروات وقصور عندك مثلاً فى جريدة الأهرام ايام مبارك كتب اسامه سرايا مانشيت كبير يوم ميلاد مبارك،و يقول له مصر ولدت يوم مولده ،هل من حقه تسخير جريده الأهرام لمبارك وهل مصر ذات السبعة الاف سنة حضارة فى انتظار مبارك لكى تولد ؟
ما هو الذى تحتاجه مصر لكى تخرج من كبوتها فى الوقت الحالى، هل تحتاج الى فيلسوف، ام طبيب نفسانى ام سياسى بارع ؟
نحن فى حاجة لتطبيق القانون وإحترام الدستور ولسنا فى حاجة الى كل هؤلاء ، يعنى لازم القانون يطبق على الأكبر للأصغر، ويتم وضع قوانين يضعها المواطن بنفسه ليكون مقتنع بها ويحترمها ووجود مجالس نيابية حقيقية واعضاء حقيقيون يعبروا فعلا عن المواطنين المصرين، مع تطبيق القانون بصرامة ، ولماذا المصرى يحترم القوانين والنظام فى الدول العربية ، يعنى الخلل مش فى الجينات عند الإنسان المصرى، وإنما الخلل فى السيستم نفسه .

مارأيك فى مكافحة الإرهاب بطريقة امنية فقط وماهو المفروض فعله فى طرق مكافحة الإرهاب؟
لازم نحارب الناس اللى بتزرع الإرهاب اولاً اللى موجوده فى المساجد والجامعات والبيوت اللى بيروجوا للفكر الأرهابى والتعصب ،و كراهية الدولة ، ماهى الفائدة عندما تقتل 10 إرهابين هايطلعوا لك عشرة اخرين وعشرين ومائة ، سأعطيك مثلاً لو حنفيه مفتوحة هل يعقل ان تنشف وتمسح المياه والحنفية مفتوحة،يجب ان ننشف الإرهاب اولاً فى المدارس و الجامعات والمدارس والمساجد والإعلام الأول اللى بيروجوا للفكر الإرهابى .
ولازم تعطى فرصة لأصحاب الفكر المستنير والتنويرى لماذا هؤلاء غير موجودين طب انت هاتحارب الإرهاب بإيه ؟ لابد من إعطاء فرصة للمفكرين والمثقفين الحقيقيين لمواجة الإرهاب لماذا نترك هولأء ونضيق على المفكرين والمثقفيين؟
لماذا غير موجود عندنا قبول الأخر والمختلف معنا ؟
هذا الصراع بين احد والأخر، مصدره الشحن ضد الأخرالمختلف معنا، ونجد من يشحن لايعرف شيئا عن الأخر الذى يحرض ضده وبيكره وبيعاديه ، اوعى الشيعى اوعى المسيحى، واللى بيتم شحنه شخص يصدق الكلام بدون تفكير لانه متلقية من مصدر موثوق فيه مثل الأم المتعصبة تشحن طفلها ، او يصدر من شيخ اومدرسة او جامعة .
والمقبلين على الزواج يهتموا بالعفش والزفاف ، ولا يهتموا ان يحصلوا على كورسات فى كيفية تربية اولادهم بطريقة صحيحة.

هل ترى إن قانون ازدراء الأديان يحد من الفكر والإبداع ؟
انا لا اوافق على ان احد يسخر من دينه او دين الأخرين ، ولكن المشكلة فى رجال الدين الذين يعلموا تعليماً خاطئا ً يحض على الفتنة والكراهية ، المفروض هو دا ازدراء الدين الحقيقى، لأنه لا يوجد احد يريد ان يزدرى دينه وكل الأديان تشجع على المحبة والتسامح.
لا يجب ان نحارب الفكر والإبداع تحت مسمى قانون ازدراء الأديان 
ان المشكلة ليست فى القانون، وإنما فى سوء تطبيق القانون، كما ان القاضى غير متخصص يحكم طبقاً لتقديره الشخصى. 
وانا ضد هذا القانون ولا اسمح فى نفس الوقت من السخرية على اى دين من الأديان.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock