عاممقالات

التعليم ( ٢ )

كتبت : رانيا الرباط

يتحقق التجانس في الدولة عندما تصبح نسيجاً واحداً قائماً علي وحدة فكرية وثقافية ولغوية وحضارية واحدة وهذا هو ما يجب أن يحققه التعليم فعلينا قبل أن نشرع في وضع خطة تعليمية أن نقف لنسأل أنفسنا ماذا نريد من التعليم؟
 ماذا نريد أن يقدم لنا التعليم؟
 إلي أين نريد أن يصل بنا التعليم؟
أى لابد وأن يكون أمامنا هدفاً نسعى إلي تحقيقه وهذا بالضبط ما أفتقرت إليه العملية التعليمية في مصر منذ سنوات طويلة مضت فكانت النتيجة أجيالاً لا تستطيع القراءة ولا الكتابة ناهيك عن أفتقارها لأبسط الأمور الثقافية وغلف ذلك عند أستبعاد الدين من المجموع بسلوكيات فظة ولا أخلاقية .
أذن حاجتنا للتعليم يجب وأن تسير علي مستويين الأول هو أعداد أجيال قادرة علي التعايش معاً بأخلاقيات حسنة وفي حال تحقيق ذلك سننتقل إلي المستوى الثانى وهو أعداد أجيال قادرة علي منافسة الآخر دولياً ورفع مكانة دولتنا عالياً ؛ كيف يتحقق ذلك؟
ببساطة أن نحدد لأبنائنا هويتهم التاريخية والثقافية واللغوية والدينية فنعود بهم ليضربوا في الأرض بجذورهم من جديد فما ضعفنا إلا عندما أقتلعنا أنفسنا من أرضنا وزرعناها في تربة أخرى لا تتجانس مع مكوناتنا فصرنا نبته هزيلة تتلاعب بها الرياح من كل جانب.
ساد المصريون العالم كفراعنة عندما كان لهم هوية محددة حتى في مظهرهم ؛ لكننا الآن نفقد حتى مظهرنا الخارجى ولا هم لنا سوى التشبه بخطوط الموضة العالمية؛ نبتعد عن طقوس مناسباتنا لأننا أصبحنا نراها ( حاجة بلدي ) ونسلم أنفسنا قلباً وقالباً لحضارة غربية لا نأخد منها سوى المظهر ونترك ما حققته من أنجازات وتقدم علمى ( أسس وأستفاد من حضارتنا ).
العودة للجذور تبدأ بالعودة للتاريخ فيجب أن يدرس طلاب المرحلة الأبتدائية التاريخ الفرعونى فقط وبشيء من الأستفاضة التى تركز علي ما حققته الحضارة الفرعونية من تقدم في مجال الطب والفلك والهندسة وكيف أستفاد الغرب من هذا لتشب الأجيال علي ثقة وثبات وعزة نفس فخورة بأنها أساس هذا العالم وهى من سادته فى البداية ؛ كما أن عليها أن تدرس الطبيعة الجغرافية لمصر فقط فتعرف المزايا التى حبا بها الله بلدنا فمكنها من السيادة في فترات سابقة ؛ علي ان يدرس الطالب المسلم كذلك في حصة ( الأخلاق ) والتى تجمعه مع رفيقه وشريكه في الوطن المسيحى (دون فصل بينهما )كيف أن جوهر الأديان السماوية واحد ويدعو إلي قيم الحق العدل،الإيثار،المواطنة،المحبة،النظافة،الاخاء وهكذا؛ كذلك يتم التركيز في المرحلة الابتدائية علي اللغة العربية قراءةً وكتابة حتى يتقنها أطفالنا ويشبوا علي حبها لا علي كرهها.هذا إلي جوار الأحتفال والأحتفاء بمناسباتنا المصرية بطقوسها خالصة فكم للأعياد من بهجة وتقوية للصلة؛ ويؤكد العلماء التربويين أن مرحلة الروضة والأبتدائية هى أكثر المراحل التى تبرز قدرات الطفل سواء الفنيةأو الرياضية لذلك يجب التركيز علي تغذية الروح بالرسم والموسيقي والنحت والتمثيل وغيرها من الفنون إلي تنمية الجسم رياضيا عن طريق ممارسة الرياضات المختلفة كالكاراتية ،ألعاب القوى،السباحة ،الرماية وغيرها
بالعودة لفترة من أقوى فترات التاريخ المصرى وباتقان اللغة وبتفعيل أخلاقيات الدين(الإسلامى والمسيحى معا) وبتقوية روابط الصلة والأرحام بالأحتفال بالمناسبات الدينية والقومية والأجتماعية وببناء الطفل روحياً ورياضياً يضرب أطفالنا بجذورهم في أرض وطنهم فيخلق الأحساس بالوطنية والأنتماء (وهذا ما نفتقده كثيراً في الجيل الحالى) لينتقل الطالب بعد ذلك في المرحلة الأعدادية لدراسة الفتح العربي الأسلامى فقط للتركيز علي المقومات التى صنعت الحضارة الأسلامية بعلمائها الذين أثروا العالم الغربي وأثروا فيه مع دراسة موقع مصر في محيطها العربي وعلاقاتها وروابطها التاريخية واللغوية والثقافية والدينية مع أشقائها العرب مع دراسة لعادات ومناسبات العرب وآدابهم فخير لنا أن نعرف شركائنا الحقيقيين عن أن نبحث لأنفسنا عن مكان وسط حضارة غريبة العادات عنا فنقوى بذلك روابط القومية العربية؛ مع دراسة الأدب العربي الشديد الخصوبة والثقل الفكرى ؛لينتهى الطالب في المرحلة الثانوية بدراسة تاريخ مصر الحديث وعلاقتها بأفريقيا وبالعالم كما يدرس جغرافيتها الحديثة وأدبها وفنونها المعاصرة حتى يستطيع بلورة أفكاره لتقديم حلولاً علمية وعملية لأستعادة مكانة وريادة مصر مرة أخرى؛ وبالطبع يتزامن هذا مع دراسة باقي المواد كالرياضة والعلوم واللغات الأجنبية والأهم بأنتقاء محتوى جيد يحقق لنا الأستفادة وتقديمه بصورة وقالب جيد،شيق ومفيد يجذب الطالب ويحببه في التعليم.حينها فقط نستطيع أن نفخر أن العملية التعليمية مصرية خالصة وتقدم لنا كمجتمع في النهاية منتجاً مصرياً خالصاً يستطيع صنع التفرد والتميز لنفسه بين دول العالم ؛ معلياً من شعار صنع في مصر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock