نقلت الرسالة
علا السنجري
السادة الزملاء بماسبيرو – تليفزيون الشعب المصرى
وصلتنى هذه الرساله من الاستاذ Moris Adly ووجب عليا نشرها لشعورى أنها تحمل صدق كبير بين حروف كلماتها .. وهذا نصها وأتمنى منكم جميعاً قرأتها
عينت بالتليفزيون المصرى عام 1989 بعد أن تقدمت بطلب بناءاً عن إعلان بجريدة الأهرام لوظائف من المجموعة التخصصية .. وخوضت الأمتحان المحدد وقتها ونجحت .. بدون واسطة !
ورغم إن تعيينى هذا جاء بعد تخرجى من كلية الفنون الجميلة بثمانى سنوات .. إلا أنه كان له وقع ورونق خاص .. لما كان للتليفزيون وقتها من هيبة ووقار.
ومنذ اللحظات الأولى لى داخل هذا الصرح العملاق وأنا أفتخر بكونى من هذه البوتقة الفنية التى تشع فناً على الوطن العربى كله – وقتها – وكنت أشعر بانبهار وأنا أمارس عملى داخل تلك الأستوديوهات قريباً من كل نجوم الفن والثقافة فى مصر.
ومرت الأيام والشهور والسنوات .. وأشعر فيها أننى ترس فى هذا الكيان المبهر .. كنت أتابع ستوديوهات 1 و 2 و 5 و 10 .. وأرى كم الأعمال الدرامية الرائعة .. حتى ستوديو 3 و 6 .. كان لهم نصيب من الأنتاج الدرامى الكبير … وخلية النحل فى الورش الملاصقة للمبنى .. كانت حالة تشد الأنتباه بجد.
ورغم كم البرامج والأعمال التى كنا نكلف بها .. فقد كنا نعمل فى سلام وسعادة حقيقية .. ورغم إن المرتبات وقتها لم تكن تتعدى 200 أو 300 جنية .. لكنها كانت تكفينا.
كلفت لفترة طويلة بالعمل فى استوديوهات الهواء ( 7 و 8 و 9 ) وكان وقتها العمل بهذه المنطقة بمثابة العمل الشاق فعلاً .. حيث ركن مذيعات الربط واليوم المفتوح والبرامج المذاعة على الهواء طوال اليوم كل أيام الأسبوع .. بخلاف الأعياد والمناسبات المتلاحقة .. ولم نرى معنى للراحة أنا وزملائى .. طوال فترة العمل فى تلك الأستوديوهات والتى أمتدت لسنوات .. ورغم هذا .. كنا سعداء .. سعداء بالعمل وخاصة عندما نرى جهدنا على الشاشة .. وأهلنا والأصدقاء والمعارف يشيدون به .. حتى ولو لم نأخذ حقاً أدبياً أو مادياً على جهدنا هذا.
وبعد أن تدرجت فى الدرجة الوظيفية .. ووصلت للدرجة الأولى .. وبدأت أكلف بأعمال ذات ثقل فنى .. نتيجة الخبرة التى أكتسبتها من أساتذتى الأفاضل داخل المبنى .. والذين أدين لهم بفضل كبير .. مما أثقل خبراتى فنياً وأدارياً .. وأصبحت موضع ثقة وتقدير … وقتها بدأ التليفزيون المصرى .. فى التراجع بظهور بعض القنوات الخاصة نتيجة أنطلاق القمر الصناعى المصرى نايل سات .. وبداية العمل بمدينة الأنتاج الأعلامى .. مما أثر على نشاط الأستوديوهات فى المبنى.
ومن هنا بدأنا نعيش حالة من التخبط والتفكك والضياع .. لكن على حياء .. حتى توقف قطاع الأنتاج .. وتجمدت الأعمال الدرامية بالمبنى .. وتحولت الأستوديوهات العملاقة .. لتقديم برامج التوك شو .. التى هبطت على المبنى من الخارج .. معلنة نهاية التليفزيون المصرى.
بكل أسف .. التليفزيون بدأ الأنهيار من 2005 تقريباً وبشكل واضح وصريح .. ولم يتحرك أحد لوقف هذا الأنهيار .. لأن الأنظار حولت لمدينة الأنتاج عن قصد .. حيث ظهرت ( السبوبة ) والتى سحبت معظم كوادر ماسبيرو .. والتى وجدت فرصتها للنجاة من الكيان المترنح الذى يغرق بوضوح .. ولا يجد من يحاول إنقاذه.
تعاظمت عمليات التخبط والفساد والخلل الأدارى .. وتفاقمت بسرعة رهيبة مع ثورة يناير 2011 .. وبكل أسف فقد التليفزيون البقية الباقية من الأمل فى الإصلاح أو حتى إيقاف التدهور.
ومن 2011 وحتى اليوم .. تحول هذا الكيان لسبة .. ومرتع لكل أنواع الفوضى والتراجع فنياً وأنسانياً.
وبإختفاء وزارة الأعلام .. أكتملت الفرصة لعمليات الفشل السريع .. لأعرق صرح فنى إعلامى ثقافى عربى .. تاركاً الأرض خصبة تماماً للأخرين.
يا أفاضل .. التليفزيون المصرى .. تلاشى .. ضاع بجد.
باقى لى فى الخدمة ما يقرب من ثلاث شهور .. وأنا اليوم على درجة مدير عام – كبير مصممى الديكور .. يكاد تفكيرى أن يشل .. عندما أحاول فهم ماحدث وما سيحدث لى بعد أن أصبح على المعاش .. وأنا أرى زملاء خرجوا منذ عام مضى ولم يحصلوا على مستحقات نهاية الخدمة حتى الأن .. وبعد أن فقدوا أكثر من ثلاثة أرباع دخلهم .. فى ظل ظروف أقتصادية لا تحتاج لشرح !!!!
قضينا عمرنا داخل هذا المبنى .. نعمل ليل نهار .. ولم نتخيل أن تكون النهاية بهذه القسوة والمهانة.
أين هى الهيئة الوطنية للإعلام ؟؟ وأتحدى من يقدم لى إنجاز حقيقى لها .. سوى الأجتماعات واللقاءات والبيانات … والصور.
من منا يا أفاضل أستطاع توصيل شكوى أو حتى مقترح .. ووجد تفاعل أو تواصل مع أياً من أعضاء تلك الهيئة ؟!!!
صراخات العاملين على مدى ثلاث سنوات من توقف المستحقات المالية التى أقرتها الدولة .. وكم الخصومات التى تنتزع عنوة من العاملين .. هل فكر أحد فى لقاء العاملين وقدم شرح للأسباب أو تفسير لهذه المهزلة ؟؟؟؟
اللى ينتظر تحرك أو تعامل حقيقى من أى قيادة فى المبنى .. واهم.
هل تذكرون اللواء ” طارق المهدى ” ؟ .. اللى وضع مكتبه فى بهو المبنى وبدأ سماع الشكاوى من صغار العاملين ؟ .. واللى بناءاً على ما سمعه بدأ التحرك لتصحيح الأوضاع الخربة.
الأفاضل فى الهيئة الوطنيىة للأعلام هل تفضل أحد منهم وتواصل مع العاملين بالمبنى ؟ .. أم أنهم جميعاً داخل الغرف المغلقة .. فى الأجتماعات واللجان .. ليصدروا القرارات وعلى الجميع التنفيذ ؟؟؟
ألم نرى خطة تطوير تنقذ الأستوديوهات وتنقذ المبنى ؟!! .. بل على العكس الأستوديوهات أغلقت !!!
مبنى التليفزيون .. أستوديوهاته أغلقت !!!! بالله عليكم .. هذا هو التطوير ؟؟؟؟
ثم تطل علينا فجأة .. عملية البصمة .. لضبط الحضور والأنصراف .. ولتصحيح الخلل الرهيب اللى سببه العاملين فى المبنى .. بقراراتهم !!!!!!!!!!
أفيدونا .. أشرحوا لنا .. عرفونا .. يمكن نقدر نساعد فى التطوير بتاعكم .. اللى مش قادرين نستوعبه.
الحقيقة كل كلامنا لا حد بيسمعه ولا حد هايسمعه .. وحقوقنا ضاعت وهاتضيع أكتر .. وتدمير هذا الكيان اللى كان عملاق .. قادم لا محالة .. فبلاش نحلم .. ده مش تشاؤم ولا أحباط يا أفاضل .. ده الواقع بكل أسف وأسى.
اللى عايز يصرخ .. يصرخ لربنا اللى فوق الكل .. وشايف وعارف .. وقادر.
ربنا يتولانا برحمته الواسعة.