” كتب محمد علي
الجزء الأول ..
ذكرنا فيما سبق عن أهمية التدبر و التفكر فى قصص القرآن ، و ذلك لكي تفهم و تتمكن من تدبر القرآن الكريم فثلثه قصص الأنبياء و الأولين ، و ثلثه يتحدث عن السيرة النبوية الشريفة و ما حدث بها من مواقف ملهمة و هامة ، و الثلث الأخر ينقسم بين التشريع و الفقه و العقيدة ، لذلك وعدناكم بأن نقص عليكم تلك القصص و نفسرها و نبسط معانيها ، و من أجمل قصص القرآن و سورة الكهف بالتحديد هى قصة أصحاب الكهف ، الفتيه الذين أمنوا بربهم و زدناهم هدى ….
بسم الله الرحمن الرحيم
أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا (9)
قصة اليوم كما يطلق عليها فى القرآن الكريم أصحاب الكهف و فى الإنجيل السبعه النائمون ، و قصة نزول القصة هى أكثر عجباً و إلهاماً فقد بعث قريش إثنين من الرجال هم النّضر بن الحارث وعقبة بن أبي معيط ، ليسألوا أحبار اليهود بالمدينة عن أشياء يمتحنوا بها سيدنا محمد عليه الصلاة و السلام ، فقال لهم أحبار اليهود ” سلوه عن فتية جائوا فى الزمن الغابر ذهبوا في الدهر فلا يدري ما صنعوا ، وعن رجل طواف في الأرض وعن الروح ” فرجعوا ليسألوا سيدنا محمد ثلاث أسئلة السّؤال الأوّل عن فتيةٍ كانوا في الزّمن الغابر حصلت لهم قصّة عجيبة ، والسّؤال الثّاني عن ملكٍ طوّاف في الأرض بلغ مشارقها ومغاربها، والسّؤال الثّالث والأخير عن الرّوح ، فرد عليهم سيدن امحمد و قال غداً سوف أجيبكم و لم يقل إن شاء الله ، فأنقطع الوحي عن سيدنا محمد فترة طويلة يقال أنها وصلت ل 40 يوم ، حتى وصل لقريش أنه لا يملك الإجابة و ظنوا أنهم إنتصروا عليه ، لينزل الوحي و ينطق سيدنا محمد بالقرآن و يصمتهم جميعاً ، و تنزل الآيات لنا لتحكي و تعلمنا بقصة أصحاب الكهف ، و يكون الدرس
” وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَٰلِكَ غَدًا (23) إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ ۚ وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَىٰ أَن يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَٰذَا رَشَدًا ( 24 ) ”
و بدأت قصة أصحاب الكهف برجل حكيم بلغ من العمر أرذله يعيش فى قرية ساد فيها الكفر و الظلم و الإستبداد ، يقال أن أحداث القصة حدثت فى الأردن بالتحديد يقع الكهف في قرية الرجيب على بعد 7 كيلو متر شرق العاصمة الأردنية عمان ، و التى كانت تسمى ب طرسوس و هو المكان الذي أتفق عليه علماء الإسلام و المسيحية ، و كانت القصة فى بداية العهد الروماني و بالتحديد فى حكم ملك ظالم يسمى ب ديقيانوس و ذلك في حدود العام 251م و قيل قبل ذلك .
و أصحاب الكهف و الرقيم كانوا من أيتنا عجباً ، و قد دون على الرقيم أسماء الفتية السبعة و هم كما ذكر ..
مكسيميليانوس , أكساكوستوديانوس , يامبليكيوس , مرتينيانوس , ديونيسيوس , أنطونينوس , وقسطنطينوس ( أبو يوحنا)
و كان معهم كلبهم و يقال أنه كان كلب أحدهم و كان يعمل راعي غنم ، و كما قلنا بدأت القصة برجل عجوز حكيم ، كان يعيش وحيداً و يحفظ الإنجيل و يوحد الله و مؤمن به ، وسط قرية غير مؤمنة و يرتكبوا المعاصي و يعبدون الأصنام ، قرية يضطهد بها كل من يقول لا إله إلا الله ، و كان الرجل يقول لا إله إلا الله و علم الإمبراطور به و أمر جنوده أن يقبضوا عليه و يقتلوه ، و علم الرجل ذلك فذهب و أختبئ بالكهف ، و بدأ يبحث عن فتية شباب أعمارهم صغير بين ال 16 عام و ال 20 عام ، و بالفعل بحث و وجد سبع فتيه ، قام بتعليمهم الدين الصحيح و التوحيد و ما يحفظ من صحف إبراهيم و موسى و آيات الإنجيل ، جعلهم يؤمنوا بالله الواحد الأحد و يسعون فى عمار الأرض و الخير ، كان يقابلهم عند شجرة بالجبل بالقرب من الكهف و قابلهم منفردين و لم يعلم أحدهم الأخر ، و يظن كل منهم أنه سر يعلمه وحده فقط و يظن أنه هو الذي يؤمن بالله و يطبق تعاليم الدين الصحيح و لا أحد غيره ..
و بعدها تم القبض على الرجل الحكيم و قام جنود الإمبراطور بقتله ، و علم الجميع بذلك و علم الفتية ايضاً و أصابهم الحزن الشديد ، حتى جاء يوم تحتفل فيه القرية يعيد لأحدأصنامهم و يرتكبوا المعاصي بالعلن و مجتمعين ، و من علامات الصلاح أن لا يطيق الإنسان الصالح مثل هذة الأجواء ، فخرج كل منهم وحيداً و ذهب عند المكان الذي كان يلتقى عنده بالرجل المؤمن الصالح ، و مع الوقت أجتمعوا جميعاً فى المكان السبعه واقفون و جالسون كل واحد فى مكانه بعيداً عن الأخر ، ينتظروا و يراقبوا بعضهم البعض فى صمت ، حتى نطق واحد منهم و قال ” و الله ما أخرجني هو الذي أخرجكم جميعاً ” ، فقالوا نعم و بدأوا الحديث و عرفوا أنهم تلاميذ الرجل الحكيم و الذي إستطاع أن يبقى رسالته حيه بعلم ينتفع به من بعده ، و ما أجمل أن تجد صحبة خير و وجدوا بعضهم البعض ، فاتفقوا على إستكمال المسيرة و السعي فى الخير و الصلاح ، صحبتهم أكسبتهم الشجاعة ليخرجوا و يقولوا للناس أن لا إله الا الله ، و كان من بينهم كبير مستشاري ديقيانوس و زوج إبنته و هو فى أغلب الروايات مكسيميليانوس ، و الذي كان يعمل على إخفاء أمر الفتيه و يقود أعمالهم الخيرية ، فكانوا يطعمون الفقراء و يعلمون الأطفال و يبنون البيوت لكبار السن و الغير قادرين ، كانوا يسعون فى الأرض من أجل الخير و نشر المحبه و السلام ، حتى جاء يوم و كشف أمرهم و كشف أمر مكسيميليانوس و علمت زوجتة بأن والدها قرر أن يقتلهم جميعاً ، فخرجوا جميعاً ليجتمعوا بالكهف ، مصابين بالحزن الشديد و اليأس و الخوف ، يسألوا أنفسهم ماذا فعلنا ليحدث بنا كل هذا ، فقدوا الأمل فى التغيير ، فقدوا الأمل فى النجاه و إنتصار الخير على الشر ، و أثناء حزنهم قاموا بالدعاء و قالوا ” رَبَّنَا آَتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا ” ، فتنزلت رحمة السماء عليهم و حصل أمر عجيب و شاء الله أن يناموا فى سكينه و سلام …
فلك أن تتخيل كم بقوا نائمين فى ثبات عميق .. و أختلف الجميع قبل أن ينزل القرآن فى مدة بقائهم فى الكهف و نومهم و التى ذكرت بالقرآن بالتفصيل ” وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا ” ، 309 عام فى نوم و ثبات و كان تتحرك و تتغير الدنيا من حولهم ، وحدث ما تمنوه و سعوا لتحقيقه و أكثر و هم نائمون يرتاحون ، كأنهم تعبوا فى البداية و أراد لهم الله أن يرتاحوا و يستيقظوا بعد ذلك ليروا نتيجة أعمالهم …
و أترككم مع الآيات الكريمة و للقصة بقيه …..
بسم الله الرحم الرحيم
( أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا (9) إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا (10) فَضَرَبْنَا عَلَىٰ آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا (11) ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَىٰ لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا (12) نَّحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُم بِالْحَقِّ ۚ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى (13) وَرَبَطْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَن نَّدْعُوَ مِن دُونِهِ إِلَٰهًا ۖ لَّقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا (14) هَٰؤُلَاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً ۖ لَّوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِم بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ ۖ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا (15)وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنشُرْ لَكُمْ رَبُّكُم مِّن رَّحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُم مِّنْ أَمْرِكُم مِّرْفَقًا (16) )
صدق الله العظيم