كتب/خطاب معوض خطاب
رحل في مثل هذا اليوم منذ 20 عاما
الكاتب الراحل سعد الدين وهبة الذي يمر اليوم على وفاته 20 عاما و صاحب مسرحية سكة السلامة لم يكن كاتبا مسرحيا أو سينمائيا صاحب العديد من الأعمال الشهيرة أو كاتبا صحفيا عاديا ، بل كان صاحب رسالة تظهر في جميع المجالات التي كتب و عمل بها طوال حياته ، فقد كان رجلا وطنيا ، نشأ على حب الوطن ، سواء وطنه الصغير “مصر” أو الكبير “الوطن العربي” ، و استمر معه هذا الحب و استمرت رسالته حتى وفاته .
محمد سعد الدين وهبة تم اعتقاله من قبل سلطات الإحتلال الإنجليزي و البوليس المصري المتعاون مع الإحتلال في الأربعينيات من القرن العشرين قبل أن يتم العشرين من عمره لقيادته مظاهرة تحتج على قيام السلطة الفرنسية باعتقال شكري القوتلي في سوريا و رياض الصلح في لبنان ، و قضى وقتها في السجن أسبوعا كاملا انتوى خلاله أن يلتحق بكلية البوليس حتى يكون رحيما بأبناء بلده .
محمد سعد الدين وهبة المولود في 4 فبراير 1925 بقرية دميرة مركز طلخا التابع في ذلك الوقت لمديرية الغربية و التابع لمحافظة الدقهلية حاليا، التحق بعد حصوله على التوجيهية بكلية البوليس و تخرج في 1949م و عمل ضابطا للبوليس بمركز منوف ثم بالأسكندرية ، و لأنه نشأ و ترعرع على حب الوطن و الجهاد ضد المحتل استغل إلغاء معاهدة 1936م و طلب من وزير الداخلية فؤاد سراج الدين أن ينقله إلى بور سعيد ليكون قريبا من الفدائيين الذين ذهبوا إلى هناك ، و بالفعل كان يعمل بالبوليس نهارا و ينضم للفدائيين ليلا ، و التحق بكلية الآداب قسم فلسفة و بالفعل تخرج فيها سنة 1956م ، و كانت قد ظهرت ميوله الأدبية و الصحفية فاستقال من عمله بالبوليس و تفرغ للأدب و الصحافة حيث مارس الكتابة الصحفية و الإبداعية بجميع أشكالها فكتب للمسرح و السينما و القصة القصيرة و المقال السياسي و الأدبي و الفني في عدد من المجلات و الصحف مثل :”الإثنين و الكواكب” و “روز اليوسف” و “الإذاعة ” و “الجمهورية” و “الأهرام” .
مسرحيا تميز سعد الدين وهبة بكتابة عدد من المسرحيات الشهيرة التي ما زالت عالقة بأذهان من شاهدوها ، فمن ينسى مسرحيات :” المحروسة و سكة السلامة و كوبري الناموس و السبنسة” التي قامت ببطولتها زوجته الفنانة سميحة أيوب و غيرها من المسرحيات التي تميزت بحسها الوطني حيث كان سعد الدين وهبة مشغولا بفكرة الوطن في جميع أعماله المسرحية ، و برز هذا الحس في مسرحية “سكة السلامة” تحديدا حيث ركز على من يقود السيارة الكبيرة “الأتوبيس” الذي يستمع للمثقف صاحب المصلحة الخاصة فتكون النتيجة هي ابتعادهم عن سكة السلامة و سيرهم في سكة الندامة و كأنه ينصح كل قائد يقود أن لا يستمع لأصحاب المصالح الخاصة و سينمائيا قام سعد الدين وهبة بكتابة قصص و سيناريوهات عدد من الأفلام الشهيرة التي أصبح بعضها من علامات السينما المصرية ، مثل :”الزوجة الثانية و أدهم الشرقاوي و عروس النيل و الحرام و مراتي مدير عام و زقاق المدق و الحرام و أبي فوق الشجرة و أرض النفاق و من أجل حبي و أريد حلا و آه يا بلد آه و” و غيرها من الأفلام التي ما زالت عالقة بالأذهان .
عمل سعد الدين وهبة في العديد من المجالات الإبداعية منها :
سكرتير تحرير جريدة الجمهورية .
مديرتحرير مجلة الإذاعة و التليفزيون .
مدير تحرير جريدة الجمهورية .
مدير للتخطيط السينمائي بوزارة الثقافة .
رئيس مجلس إدارة الشركة العامة للسينما “فيلمنتاج” .
مدير النشر بالهيئة العامة للتأليف و الترجمة و النشر .
رئيس مجلس إدارة الشركة القومية للتوزيع .
وكيل وزارة الثقافة للثقافةالجماهيرية .
وكيل أول الوزارة و سكرتير عام المجلس الأعلى للآداب و الفنون ، لكنه تقدم باستقالته في 16 سبتمبر 1980م لخلافه مع القيادة السياسية في ذلك الوقت ، خصوصا لموقفه من الكيان الصهيوني و وقوفه في طريق التطبيع حيث اعتبرته إسرائيل عقبة كبرى في طريق التطبيع في ذلك الوقت ، و هو الموقف الذي كان مصرا عليه بعد توليه مسئولية رئاسة مهرجان القاهرة السينمائي .
سعد الدين وهبة تم انتخابه نقيبا للسينمائيين و رئيسا لاتحاد النقابات الفنية و عضوا بمجلس الشعب و رئيسا لاتحاد الفنانين العرب و رئيسا لاتحاد كتاب مصر ، كما تم تكريمه بمنحه وسام الجمهورية من الطبقة الثالثة و وسام الإستحقاق من الطبقة الأولى و جائزة الدولة التقديرية من مصر ، و وسام الإستحقاق من تونس ، و وسام الشرف الفرنسي من درجة ضابط و وسام الفنون و الآداب بدرجة قائد من فرنسا ، و وسام سيمون بوليفار من فنزويلا .
عاش سعد الدين وهبة طوال حياته مدافعا عن مبدئه متمسكا به ، باحثا عن “سكة السلامة” في “المحروسة” متجنبا “أرض النفاق” متحاشيا ” الحرام” صارخا “آه يا بلد آه” قائلا “أريد حلا” .
المصادر :
كتاب سينما نعم سينما لا ثاني مرة (فتحي العشري) .
كتاب مذكرات سعد الدين وهبة “أيام من حياتي” .
جريدة المصري اليوم العدد 4988 “ماهر حسن” .
جريدة القاهرة 9 فبراير 2010م . “الأمير أباظة” .