جاسوس سيناء الشهير إدوارد هنري بالمر
كتب/خطاب معوض خطاب
المستشرق البريطاني الذي قتله بدو سيناء أيام الثورة العرابية
من الحوادث المجهولة في تاريخ الثورة العرابية و لم تنل القدر اللائق بها في دراسات الباحثين و لم يسلط عليها الضوء حادثة مصرع المستشرق البريطاني إدوارد هنري بالمر الشهير بلقب جاسوس سيناء الذي استخدمته القوات البريطانية ليعمل على قطع أسلاك التلغراف و إحراق أعمدتها بسيناء لتنقطع الإتصالات بين أحمد عرابي و تركيا التي كانت تسانده ضد القوات البريطانية .
ولد إدوارد هنري بالمر في أغسطس 1840م في كامبريدج و درس و أجاد اليونانية و اللاتينية و الفارسية و الأوردية و العربية و عمل أستاذا لكرسي اللغة العربية بجامعة كامبريدج كما عمل بصحيفة Daily News , Standard و سافر لعدد من الدول منها فلسطين و سوريا و لبنان و تركيا و مصر حيث كان عضوا في صندوق إستكشاف فلسطين و اختلط ببدو سيناء حيث تقرب إليهم و توثقت علاقته بهم خصوصا حينما كان يحدثهم باللغة العربية و يقرأ القرآن و يقرض الشعر فأطلقوا عليه لقب ( عبد الله أفندي ) .
حينما أرادت بريطانيا إحتلال مصر استدعته إدارة البحرية البريطانية لخبرته بالمنطقة و معرفته بشيوخ قبائل سيناء و لدرايته باللغة العربية حيث تم تكليفه باستمالة البدو عن طريق الرشوة و ضمان إنضمامهم إلى الجيش الإنجليزي و بالفعل توجه بالمر و من معه إلى سيناء بزعم التفاوض لشراء جمال لإستخدامها في نقل القوة الهندية التي وصلت إلى السويس لتحل محل القوة الهندية في الإسماعيلية بينما كانت مهمته الأصلية قطع أسلاك البرق ( التلغراف ) و إستمالة البدو لصف الإنجليز .
بدأ بالمر إتصالاته ببدو سيناء الذين تظاهروا بالموافقة غير أنهم كانوا يدبرون له و لمن معه أمرا ، فما إن وصل بالمر و من معه ( كابتن جيل و لفتنانت تشارنتون من الجيش الإنجليزي و مترجم سوري اسمه خليل عتيق و طباخ يهودي من غزة اسمه بخور حسون ) إلى منطقة قرب ( نخل ) بسيناء حتى انقض عليهم جماعة من البدو الموالين للثورة العرابية و أخذوهم أسرى ثم قتلوهم بعد ذلك .
تم القبض على عدد كبير من بدو سيناء بتهمة الإشتراك في قتل بالمر و رفاقه و تقديمهم لمحاكمة عسكرية حكمت بالإعدام شنقا على كل من : مرسي الراشدي و علي الشويعر و سلامة أبو تلحيفة و سالم الشيخ و سالم أبو تلحيفة و تراش بن محمد و عزام بن حميد العرضي و زيدان بن حميد العرضي و سالم صبحي و حسن بن مرشد و زيدان العرضي ، و حكم بالسجن 15 سنة على سلامة بن عيد و 10 سنوات على محمد عرصوم و 5 سنوات على كل من : سلامة أبو وادي و مرشد بن سعد و عابد بن سالم و عيد أبو الرجال بن فريحي و حريس بن محمد و مضعان العبد بن عبد الله و سالم بن سويلم و عيد بن سالم و 3 سنوات على كل من سليم سليمان و مصلح عويضة .
و قد أثار هذا الحادث وقتها اهتمام بعض أعضاء مجلس العموم البريطاني الذين وجهوا تساؤلات لممثل البحرية البريطانية بالمجلس عن الغاية من وراء إرسال بالمر و رفاقه إلى صحراء سيناء دون حراسة و أجاب ممثل البحرية البريطانية بءن بالمر قد تطوع من تلقاء نفسه لأداء هذه المهمة و لم يكلفه بها أحد كما نفى ممثل البحرية البريطانية محاولة رشوة البدو .
هذا الحادث من أهم الأحداث التي صاحبت الثورة العرابية و صراع عرابي مع الإنجليز و تم تشبيه أحداثه بعد ذلك خاصة المحاكمات التي تلت قتل بالمر و رفاقه بأحداث دنشواي بل أطلقوا عليه ( دنشواي الأولى ) و مع ذلك لم يثر إهتمام الباحثين أو الراصدين و المتصدين للكتابة عن ثورة عرابي الذين يركزون فقط على عرابي نفسه و حربه مع الإنجليز و أهملوا حدثا بقدر و أهمية هذا الحدث .
المصادر :
مقال ماجد محمد فتحي بجريدة الأهرام العدد 47415 .
مقال قاسم الرويس بجريدة الرياض العدد 15478 .
مقال د.صبري العدل بديوان الأهرام العدد 30