عاممقالات

السيد أحمد عبدالجواد



كتب/خطاب معوض خطاب
بطل ثلاثية “نجيب محفوظ” الحقيقي

اشتهر الأديب الكبير نجيب محفوظ برواياته المأخوذة من الواقع ، فمعظم شخوص رواياته لها وجود في الحقيقة ، سواء شاهدها أو سمع بها ، فحسبما قال :”ما من شخصية كتبت عنها إلا و أخذتها من الحياة المعيشة ، فالشخصية الواحدة لها أصل في الحياة و إن كانت في الرواية غير هذا الأصل” ، و من أشهر الشخصيات التي كتب عنها نجيب محفوظ و تم تجسيدها سينمائيا و تليفزيونيا شخصية السيد أحمد عبدالجواد أو سي السيد ، و هي الشخصية التي أبدع في تجسيدها الفنان يحيى شاهين سينمائيا و الفنان محمود مرسي تليفزيونيا .

هذه الشخصية المليئة بكل متناقضات النفس البشرية ، سي السيد الأب القاسي و الزوج الديكتاتور في بيته ، بينما في الخارج هو رجل الأنس و الفرفشة ، في البيت تقي يحافظ على الصلوات و علامات الورع بادية على وجهه و متزمت ، جعل من البيت سجنا لمن فيه من النساء اللاتي حرم عليهن الخروج أو حتى مجرد النظر من النافذة ، بينما هو في الخارج يلهو مع الراقصات و العوالم و يغدق في الإنفاق عليهن تحت شعار :”بضاعة أتلفها الهوى” .

هذه الشخصية لها أساس من الواقع ، و إن إختلفت عن الرواية في بعض التفصيلات ، ففي تحقيق لمجلة الشباب الصادرة عن مؤسسة الأهرام ذكر الصحفي وليد فاروق محمد أن صاحب الشخصية الحقيقية هو السيد أحمد عبدالجواد محمد سعيد ، الذي ولد عام 1905م في درب الأتراك الذي أصبح اسمه شارع الشيخ محمد عبده خلف الجامع الأزهر بالقاهرة ، و قد ورث مهنة العطارة عن والده و أصبح صاحب أكبر محل عطارة في الحسين ، و مازال محله موجودا حتى الآن في شارع جوهر القائد و اسمه :”البركة” .

توفي السيد أحمد عبدالجواد الحقيقي في 5 ديسمبر 1955م ، و من الطريف أن زوجته الحقيقية اسمها “أمينة” أيضا ، و عاشت بعد موته ثلاثين عاما ، و كان يقطن بيتا في عطفة الباب الأخضر أمام مسجد الحسين ، و يتكون من ثلاثة طوابق و تم هدمه في توسعات ميدان الحسين سنة 1957م ، و أنجب السيد أحمد عبدالجواد الحقيقي ولدا واحدا و ست بنات ، و ورث الإبن مهنة أبيه و جده ، حتى أن حفيدي السيد أحمد عبدالجواد ورثا المهنة و يمارسانها حتى اليوم رغم حصولهما على شهادات جامعية ، و كان السيد أحمد عبدالجواد الحقيقي شديدا في بيته و حازما حسب شهادة ابنه ، و فعلا كما جاء في الفيلم كان يأكل و معه ابنه و البنتان الصغيرتان فقط أما باقي البنات و أمهم فيأكلن بعدهم .

لكن على عكس الرواية و الفيلم و المسلسل لم يكن السيد أحمد عبدالجواد لاهيا عابثا ، بل كان صالحا يعقد حلقات الذكر داخل محل عطارته و كان يحضرها العديد من علماء الأزهر و المشايخ في مصر وقتها ، مثل الشيخ مصطفى إسماعيل و طه الفشني و محمد الفيومي و عبدالباسط عبدالصمد و البهتيمي و غيرهم ، و كان صديقا لعدد من الكتاب و الفنانين أمثال يوسف السباعي و أنيس منصور و نجيب محفوظ و حسن الإمام و يحيى شاهين ، الذي قال عنه الحاج محمد ابن السيد أحمد عبدالجواد :”حينما كنت أراه في الثلاثية كنت أرى فيه والدي ، حيث أجاد تجسيد الدور نظرا لصداقته و معرفته بوالدي ، فقد كانوا يلتقون في مقهى الفيشاوي و بمحل العطارة .

الطريف أن رئيس الوزراء الأسبق د.حازم الببلاوى قال إن والدته أخبرته أن شخصية السيد أحمد عبدالجواد مأخوذة عن قصة حياة جده لأمه ، حيث أن والد نجيب محفوظ كان يعمل بالدائرة التي بها جده لوالدته “محمد عمرو” التاجر الغير متعلم الذي كان مشهورا بأنه غير متعلم و مسرف و كثير الزواج و كانت آخر زيجة له من راقصة اسمها العالمة زبيدة !!!!!

المصادر :
تحقيق وليد فاروق محمد بمجلة الشباب العدد 449 .
جريدة اليوم السابع 31 أغسطس 2014م .
صحيفة الجزيرة السعودية العدد 10396 .
مجلة روزاليوسف 13 ديسمبر 2014م .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock