.
سامح عبده
لم يكن يعلم الفنان صلاح ذو الفقار أن مقولة المقاتل البريطاني ألبرت جريجوري ستنطبق عليه، إلا بعد أن تحكمت في حياته صدفتان، الأولى عند دخوله كلية الشرطة، والأخرى عند خروجه منها ودخوله إلى عالم الفن.
ولد صلاح ذو الفقار في يناير 1926، بمدينة المحلة الكبرى، وله 4 إخوة، أحدهم كان ضابط مدفعية في القوات المسلحة وهو “عز الدين”، والآخر ترك الهندسة واتجه للإخراج، وهو “محمود”، وكلاهما ترك عمله من أجل الفن.
يحكي صلاح ذو الفقار، في حوار تليفزيوني له مع التليفزيون المصري، أن جدَّه كان طبيبا، وكان يناديه دائما “يا دكتور صلاح”، وكانت أيضا “الدكترة” رغبة والد صلاح، الذي كان ضابطا برتبة أميرلاي (تعادل رتبة عميد حاليا) في الشرطة، إلا أنه لم يحصل على مجموع كلية طب القاهرة في مرحلة إتمام التعليم الثانوي “التوجيهية”، ولكنه حصل على مجموع طب الإسكندرية، فتقدم بأوراقه فيها.
قبل أن يسافر صلاح إلى الإسكندرية ليعيش مع أخيه “عز الدين”، الذي كان يعيش مع أصدقائه الضباط هناك، تحدث والده معه وطلب منه أن يتقدم بأوراقه في أي كلية بالقاهرة، بدلا من السفر وهو في سن صغير، إذ كان عمره وقتها 16 عاما ونصف، فتقدم بأوراقه إلى كلية الشرطة، لعدم ووجد فرصة بالكلية الحربية، وبالفعل قبلت الكلية أوراق انضمامه بعد أن عرفوا أن أباه ضابطا في الشرطة، بحسب ما روى في حوار تليفزيوني.
في سهرة مع أخيه الكبير المخرج عزالدين ذو الفقار، عرض الأخ الأكبر على أخيه الضابط والمدرس في كلية الشرطة، أن يلتحق بالسينما، خاصة وأن شقيقيهما الأكبر منهما “محمود” يعمل مخرجا هو الآخر، فاستصعب صلاح الأمر، ولكن لم يستبعده.
استطاع صلاح أن يأخذ موافقة رئيسه من عمله الشرطي على التمثيل، وصوّر أول فيلمين له، ثم تقدم باستقالته من كلية الشرطة بعد ذلك، وترك الحياة العسكرية، متجها إلى حياة أخرى، لا تلتزم بالصرامة والحزم الذي كان عليه في الحياة العسكرية، ولكنه لم يستطع أن يكون إلا ملتزما وصارما، بحسب ما رواه في لقاء تليفزيوني.
في عام 1955، استلم صلاح أولى أدواره السينمائية، وكان بطولة فيلم “عيون سهرانة” مع النجمة شادية، ونجح الفيلم، ونجح صلاح أيضا. توالت الأدوار على صلاح ذو الفقار، إلى أن أصبح علامة مميزة في تاريخ السينما المصرية بشهادة كبار النقاد السينمائيين، وكوّن ثنائيا فنيا مع الفنانة شادية، وقدما العديد من الأفلام التي كان لها تأثير في حياة السينما، أبرزها “أغلى من حياتي”، و”مراتي مدير عام”، الذي عبر بشكل واضح عن قضية المساواة بين الرجل والمرأة في مصر. وفي الستينات خاض مع مع أخيه “عز الدين” تجربة الإنتاج، وأسسا شركة إنتاج سينمائية، أنتجا خلالها مجموعة من الأفلام المهمة، ومن أبرزها “شئ من الخوف”.
يبدو أن عمله الفني أثر على حياته الاجتماعية، ولا سيّما في مسألة الزواج، فقبل عمله بالفن تزوج من السيدة نفيسة بهجت، إحدى رائدات العمل الاجتماعي في مصر، ولكن بعد انخراطه في الوسط الفني تزوج من الفنانة زهرة العلا، ثم من الفنانة شادية، التي مثل أمامها مجموعة من الأفلام الرومانسية، وبعد انفصاله عن شادية عام 1972، وكان وقتها بدأ يتراجع تدريجيا عن أدوار البطولة السينمائية، تزوج مرة أخرى من خارج الوسط الفني، من السيدة بهيجة فضيل، والتي ظلت معه حتىوفاته. ابتعاد الأضواء عن ذوالفقار جعله أحيانا يقبل بأدوار صغيرة، حتى قال في لقاء تليفزيوني، إنه يضطر أحيانا إلى اختيار أدوار لا يرضى عنها بشكل كامل. كان فيلم “الإرهابي”، الذي يجسد بطولته الفنان عادل إمام، آخر مشاركة للفنان صلاح ذو الفقار، حيث توفي قبل تصوير المشهد الأخير للفيلم، واضطر “الزعيم” إلإلى تأجيل تصوير الفيلم وعرضه عام 1993.