رشا رمضان إسماعيل
من الجميل أن الله خلق لنا قلبًا كجعبة الأسرار تتكدس فيه حكاياتنا وأسرارنا ومشاعرنا ولا أحد يعلم بما فيه غير خالقنا
فلو علم الغير بما تُخفيه صدورنا لأشفق كل منّا على الآخر
والله خلقنا على الفطرة بقلب أبيض سليم النوايا
ولكننا نشعر في زماننا أن القلوب تلونت وتبدلت المشاعر فيها وتنوعت القلوب مابين الدافئة والباردة والضعيفة والقوية
وهناك قلوب مريضة حاقدة ، حاسدة ، تُضمر لك الشر والغل والحقد وأحيانًا يكون مرضها ناتج عن الوسوسة والشك
وقلوب قد أصابها العمى لاتميز بين الحق والباطل ،الصدق والكذب
وقلوب سليمة رحيمة كما خلقها الله جمالها منعكس على حسن وبشاشة وجه حاملها
نجدها متوجهة قلبًا وقالبًا نحو خالقها فهي تدرك جيدًا سبب كينونتها في الحياة تنبض كل نبضة فيها بحب الله تعالى
وهناك قلوب قاسية انتزعت منها الرحمة من فرط قسوتها
وهناك قلوب مترددة ،خائفة لا تجيد أخذ القرارات في اللحظات الحاسمة وتخشى عواقب الأمور
وهناك قلوب مُنتظرة ، مُترقبة ، للحظة سعادة أو لحظة شفاء أو لحظة نجاح وغيرها من الأحداث المُبهجة
وهناك قلوب حزينة فقدت غاليًا ، أو ضلت طريقها في دروب الحياة
وهناك قلوب مكسورة ، حطمتها كلمة جارحة ، وضربت عظامها ردة فعل قوية
وقلّما نجد قلبًا نقيًّا في زماننا هذا ولكنه موجود لأن الخير مازال موجود
فأينما نبتت بذور الخير كان زارعها قلب نقي وكان ساقيها قلب نقي
ويبقى السؤال هنا
كيف نحيا بقلوب نقية في زمن تلوثت فيه النوايا وتبدلت فيه الضمائر ؟
لكي نتعايش علينا أولاً أن نعمل على تصفية أرواحنا من كل بغض وكره وحقد وغل وحسد
علينا أن ننظف قلوبنا من النقاط الداكنة التي لُطخت بوقع الصدمات وردود الأفعال الغير متوقعة
علينا أن نخرج من قوقعة التدقيق والنظر في كل تفصيلة تمر أمامنا ونتقن فن التغافل فلا ننصت لما يخدش أسماعنا ، ونتغافل عن النظر لما يجرح شعورنا
ونُتقن كيف نُمرر الأشياء الداكنة أمامنا دون أن نُعير لها انتباهًا ،دون أن يؤثر ظلامها على النهار المتوهج في صدورنا
علينا أن نغض الطرف عن الزلات و ننشغل بأنفسنا ونترك الناس لرب الناس
فماذا سنجني لو تتبعنا تحركات الناس ؟! ،
وانشغلنا بأحاديثهم ، وحللنا أقوالهم وأفعالهم ونسينا أننا بشر مثلهم لم نتحلى بالكمال
علينا الاهتمام بجوهرنا أولاً قبل أن نننفق أموالنا في شراء غالي الثياب وثمين الحُليّ كي نُجمل مظهرنا ونبقى محط أنظار الناس
علينا أن نملأ قلوبنا بذكرالله لتلين القلوب حيث لامجال لبقعة قاسية أوبقعة مظلمة
فالقلب ليس مضخة للدم فقط إنما هو شريان الحياة