كتب/خطاب معوض خطاب
الفنانان الشقيقان عبد الوارث عسر وحسين عسر نجمان من نجوم الزمن الجميل، برز كلاهما واشتهرا بأداء دور الأب لكن كان لكل منهما طريقته المميزة في الأداء ويعدان من أفضل وأشهر من أدى دور الأب في تاريخ السينما اامصرية، نشأ الاثنان بمنطقة الجمالية وتحديدا في حرة الطبلاوي حيث عبق القاهرة التاريخية في أسرة ترجع أصولها لقرية تتبع مركز الدلنجات بمحافظة البحيرة، وكان أبوهما محاميا وحرص على إلحاقهما بالكتاب ليحفظا القرآن الكريم مما كان له الأثر الكبير في إجادتهما للغة العربية والتمكن من الإلقاء.
الأخ الأكبر هو محمد عبدالوارث علي عسر الذي اشتهر بأنه أكبر معمر في تاريخ السينما المصرية، ولد في 16 سبتمبر سنة 1894م، وحصل على الشهادة الإبتدائية ثم التحق بالبكالوريا وحصل عليها وإن ذكرت بعض المصادر أنه لم يكمل تعليمه واتجه لتثقيف نفسه بنفسه، حيث درس اللغة العربية وأجادها إجادة تامة، ثم عمل بقسم الحسابات في وزارة المالية سنة 1921م وظل يترقى في المناصب حتى وصل لوظيفة رئيس قلم الصرف بحساب الديوان الملكي، إلى أن طلب إحالته للمعاش المبكر سنة 1946م وهو في الثانية والخمسين من عمره.
وكان عبد الوارث يمارس التمثيل هاويا بعدد من الفرق المسرحية أثناء عمله الوظيفي، ثم احترف الفن بعد تسوية معاشه، فكانت بداية ظهوره السينمائي كمحترف بعد تخطيه الخمسين عاما من عمره حيث كان هاويا قبل ذلك، واشترك على مدار حياته في حوالي 300 فيلم سينمائي، اشتهر فيها بأداء دور الأب الطيب ومن أشهر أعماله: فيلم “شباب امرأة، وفيلم “صراع في الوادي” ، كما شارك فيعدد من المسرحيات منها مسرحية السكرتير الفنى، واشترك في عدد من المسلسلات وأشهر أدواره التليفزيونية دور الحاج رضوان في مسلسل “أحلام الفتى الطائر” ، ودور الحاج عبدالفضيل في مسلسل “أبنائي الأعزاء شكرا.
كما عمل مدرسا للتمثيل بمدرسة التوفيقية، ثم أستاذا لفن الإلقاء بمعهد السينما وكلية الإعلام بجامعة القاهرة، وكان عضوا بارزا في نقابة المهن التمثيلية، وعضوا بارزا في جمعية أنصار التمثيل، وكتب عددا من سيناريوهات الأفلام السينمائية، وبعض الروايات المسرحية، كما كتب للإذاعة والتليفزيون بعض الحلقات الدينية منها: “نبي الرحمة” ، و”شفاء الصدور”،
وعرف كشاعر بشعره الموزون المقفى، ونشرت له بعض القصائد في كتاب “شعراء ودواوين”، كما نشرت له بعض القصائد بمجلة الهلال، وله ديوان أصدرته الهيئة المصرية العامة للكتاب، وله ديوان مخطوط بعنوان ” أزجال عبدالوارث عسر” عن حرب أكتوبر، ومن المعروف أنه نشرت له بعض أزجاله فى جريدة الشعب في شهر أكتوبر 1973م، وصدر له كتاب “فن الإلقاء” عن الهيئة المصرية العامة للكتاب في عدة طبعات، وهو الكتاب الذي يتم تدريسه منذ سنوات طويلة لطلبة معهد السينما، وحصل عبد الوارث عسر على عدد من الجوائز منها شهادة الجدارة في أكتوبر 1976م، وجائزة الدولة التقديرية في الفنون، ووسام العلوم والفنون، وجائزة عن كتابته لفيلم “جنون الحب”، وجائزة عن دوره في فيلم شباب امرأة، وكان عبد الوارث عسر متزوجا من ابنة خالته، وأنجب منها بنتين أسماهما ” لوتس”، و”هاتور”، ومن المعروف أنه لم ينجب أولادا ذكورا، وله حفيد يعمل بالفن هو الفنان “محمد التاجي” ، وكانت وفاة الفنان الكبير عبد الوارث عسر في 22 أبريل سنة 1982م.
أما الشقيق الأصغر الفنان حسين عسر فقد ولد في يوم 9 يناير سنة 1903م، فهو واحد من نجوم السينما المصرية المميزين، فرغم قلة الأفلام التي شارك فيها وقصر أدواره إلا أنه ترك بصمة واضحة في تاريخ السينما وما زالت أدواره عالقة بأذهان محبي السينما المصرية ولا تنسى، ونكاد نشم عبق ورائحة القرية المصرية كلما ظهر على الشاشة أمامنا، فمن منا ينسى مثلا أدواره في أفلام: “حسن ونعيمة” و”الأرض”، و”أدهم الشرقاوي”، و”أفواه وأرانب”، و” بريق عينيك”، و”لن أعترف”، ورحل الفنان الكبير حسين عسر في يوم 22 يناير سنة 1987م.