كتب/خطاب معوض خطاب
فلان “على سنجة عشرة”، هو مثل وتشبيه شعبي قديم، ويقال للدلالة على حسن هندام الرجل، وأنه كما يقال بالعامية: “راجل آخر شياكة”، ورغم أن هذا المثل والتشبيه أصبح يطلق على من يرتدي الملابس الأنيقة حاليا، إلا أنه كان يقال في البداية للرجل الذي يرتدي “الطربوش” بحيث يميله ناحية اليمين ميلا خفيفا رقيقا، وكان هذا الميل يزيد من وجاهة الرجل وأناقته ويوحي بثقته واعتداده بنفسه، حيث كان المعتاد و المتعارف عليه بالنسبة للرجل المنضبط _مثل العسكريين_ أن يكون غطاء رأسه _بيريه أو طاقية أو كاب_ عموديا على رأسه، وأن تكون مقدمة غطاء الرأس في منتصف جبهة الرجل تماما.
ولفظ “سنجة” أو كما يقال أحيانا “صنجة” فارسي الأصل، وهو يقصد به الثقل الذي يوضع في الميزان، و”سنجة عشرة” هي ثقل مقداره “10 مللي جرام”، أي أنها تعدل ” عشر الجرام”، وكانت تستخدم في موازين الذهب، كما كانت تستخدم في الصيدليات قديما في تركيب الأدوية، وميزان الذهب عبارة عن ميزان نحاسي دقيق جدا وذو كفتين، ويوضع داخل وعاء زجاجي حتى يكون معزولا ولا يؤثر الهواء عليه، وهذه السنجة عبارة عن رقاقة معدنية صغيرة جدا ومدموغة بالرقم “10”، وتمسك بواسطة جفت أو ملقط خاص بها، وعندما توضع هذه السنجة في كفة ميزان الذهب تميل هذه الكفة ميلا رقيقا، لذلك يقال على من يرتدي الطربوش ويميله أنه “على سنجة عشرة” ، أي أن أناقة هذا الرجل توزن بميزان الذهب.
وتعبير “على سنجة عشرة” ورد قديما في إحدى الأغنيات التي كتبها “بديع خيري” ولحنها “سيد درويش” ، حيث تقول بائعة الورد في هذه الأغنية:
يا ورد على فل وياسمين
الله عليك يا تمر حنة
ياللي عاوج لي طربوشك فوق الجبين
على سنجة عشرة
ما تحط لك صحبة ياسمين
في عروة الجاكتة روخرة
قرب هنا
تعا عندنا
خد وردة يا بيه
خدي فلة يا هانم
وهكذا، ورغم مرور عشرات السنين، ورغم غياب الطربوش عن الساحة، إلا أن تعبير “على سنجة عشرة” ما زال موجودا ويطلق على الرجل الأنيق المعتد بنفسه، أو كما يقال بالعامية “رجل آخر شياكة”.