إعداد صوفيا ذاده
اول رؤيا رؤيت ، رؤيا آدم عليه السلام ، فإنه نام فرأي حواء في نومه كما خلقت ، فلما انتبه من نومه رآها جالسة عند رأسه كما رآها في نومه
قال جميع المعبرين من المسلمين واليونانيين وغيرهم :
إن جميع مايراه الإنسان في منامه ضربان حق وباطل
فالحق خمسه اصناف :
إقرأ أيضا
فالصنف الاول :
الرؤيا الصادقة الظاهرة ، وهي جزء من النبوة لقوله تعالى :
{ لقد صدق الله رسوله بالحق لتدخلن المسجد الحرام أن شاء الله آمنين }
وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لما سار الي الحديبيه ، رأي في المنام أنه دخل وأصحابه رضي الله عنهم مكة آمنين غير خائفين ، يطوفون بالبيت وينحرون ويحلقون رؤوسهم ويقصون ، فبشر رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه بما رآه ، فلما كان العام المقبل ، أخليت له مكه كما رآها صلي الله عليه وسلم في المنام بشارة من الله تعالي ، من غير صنع ملك الرؤيا ، ولا سؤال ولا تفسير
وقيل : رؤيا ابراهيم عليه السلام في ذبح ولده اسحق ، وذلك قوله تعالي حكايه عنه :
{ يابني إني أري في المنام أني أذبحك فأنظر ماذا تري }
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( من رآني في المنام فقد رآني ، فإن الشيطان لا يتمثل بي ، ومن رآني في المنام فقد رأي الحق )
وقال عليه الصلاة والسلام :
( من رآني في المنام فلن يدخل النار )
وقال صلى الله عليه وسلم :
( من رآني في المنام فسيراني في اليقظة ، ولايتمثل الشيطان بي )
وقال ارطاميدورس :
الرؤيا الظاهرة مثل ما رأي إنسان كأنه في البحر قد هاج عليه وتموج )
وقال بعض حكمائهم :
يطوي لمن يري الرؤيا صريحا ، لان صريح الرؤيا لايريه الا البارئ
وقال ارطاميدورس :
قال الحكماء المعبرون :
الذي ينبغي أن يقبل قولهم ويصدقوا في الرؤيا اولا هم الملائكة لا يكذبون ، وبعدهم الآباء والمؤدبون ، وذلك أن يشبهون اهل الفضل والكرامة ، لان الآباء هم سبب كوننا ، والمؤدبين سبب حسن سيرتنا ، وبعدهم العرافون ، ثم الموتي ، فإن الموتي إذا اخبروا في الرؤيا بشئ كان ذلك الخبر صادقا ، وذلك أن الذي يكذب في كلامه إنما يكذب لعلتين :
إما بسبب رجاء شئ ، واما بسبب خوف من شئ ، ومن مات لايرجو شيئا من الدنيا ، لايخاف من شئ منها ، ولذلك يكون كلامه حقا ، وذلك أمر يخص الموتي
قالوا :
الصبيان الصغار إذا رأوا شيئا في الرؤيا ، فهو حق ، وذلك أنهم لم يتعلموا الكذب والضلال ، وايضا من شاخ وطعن في السن ، فإنه ينبغي أن يصدق قوله في الرؤيا ، وذلك أنه لايقول كذبا بسبب كبره ، وأيضا فإن جميع الحيوان الذي ليس بناطق ، فليصدق في الرؤيا قوله إذا قال شيئا ، وذلك أنه لا يحسن الخديعة في القول
إن أكثر من تري فهو يكذب ، ما خلا من كان أمينا في تدبيراته ، ومن كانت عادته جميله ، ومن كان خيرا ، فأما العامة ، والمصارعون ، والفقراء ، والخصيان ، والمخنثون ، والمغنون ، فإنهم جميعا يدلون علي رجاء كاذب لايتم ، وذلك أنهم بالطبيعة لايعدون مع الرجال ، ولا مع النساء ، والواجب أن يصدق قول كل من كان يصدق في الرؤيا
ويقال :
إن اصح الرؤيا ، رؤيا ملك الملوك ، وما يراه الإنسان فيعبره في المنام
والصنف الثاني :
الرؤيا الصالحه ، وهي بشري من الله تعالي ، كما أن المكروهه زاجرة يزجرك بها
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
خير ما يري أحدكم في النوم أن يري ربه أو نبيه ، أو يري أبويه المسلمين
قالوا :
يانبي الله ، وهل يري أحد ربه ؟
قال : السلطان ، والسلطان هو الله
وقال عليه الصلاه والسلام :
إن من قرأ القرآن رأي في المنام مالم يبصره
والصنف الثالث :
مايريكه صديقون وملك الرؤيا عليه السلام علي ما علمه الله تعالى من نسخه ام الكتاب ، وألهمه من ضرب أمثال الحكمة عليها لكل شئ من الأشياء مثلا معلوما من اصل لايجاوزة إلا في اختلاف وجوه التأويل ، بتحويل الشئ عن حاله الأولي وقوته في ذلك وضعفه ، وحلاله وحرامه ، فتدرك به معصية قد ارتكبها أو هممت بها ، أو يبشرك بخير قدمته لنفسك او يقدمه ، فيكرهه الشيطان حسدا لك ، فيشبه بملك الرؤيا في ضربه امثال الحكمه لك في رؤياك الصحيحة ، وهو غيره مصيب لها ، فيغرك عن نفسك او عن حطها وعما القي اليك من أمرك ، أو يخلط عليك ما رأيت من الرؤيا بغيرها من الاضغاث فيعيها عليك ، ونبهك عن منامك ليقطعها عليك عند رؤيتك ذلك ، أو يدخل عليك من سواها ما ينسيكها فلا تنتفع بها ولا تخلص الي عملها فتنه وغرورا لك
والصنف الرابع :
المرموزة وهي من الأرواح ، مثال ذلك ما حكاه ارطاميدورس أن إنسانا رأي :
كأن ملكا من الملائكة قال له في المنام :
إن إمرأتك تريد أن تسقيك السم علي يد صديقك فلان ، فعرض له في ذلك أن صديقه هذا زني بإمراته ، وانما دلت رؤياه علي أن الزنا مستور كما أن السم مستور ، وقد تفعل الملائكة مثل هذا في الرموز ، لانهم يحبون أن نكون نحن اصحاب بحث وفحص عن الاشياء
والصنف الخامس :
رؤيا تصح بالشاهد ، ويقلب الشاهد الرؤيا فيجعل الخير شرا والشر خيرا ، مثال ذلك أن يري الإنسان في منامه أنه يضرب بالطنبور في المسجد ، فيتوب الي الله تعالي من الفحشاء والمنكر ، ويفشو ذكره ، ولايجد عونا في ذلك الموضع عليه ، والمسجد موضع الملائكة ، وموضع البر والنسك ، فإذا لعب ساعه يبرد عليه ذلك ، والغلبة اقوي ، وكذلك لو رأي أنه يقرأ القرآن في الحمام أو يقص ، فإنه يشتهر في أمر فاحش ، أو يقود ، لان الحمام موضع كشف العورات ، ولا يتهيأ للملائكة أن تدخله ، فلذلك لايتهيأ للشياطين أن تدخل المسجد ، فإذا لم يجد في عمله معينا ، لم يجد بدا من تركه
ورؤيا الجنب والحائض تصح ، لان الكفار لايرون الغسل ، وعبر يوسف عليه السلام رؤيا الملك بمصر وهو علي غير الإسلام ، ورؤيا الصبيان تصح ، لان يوسف عليه السلام كان ابن سبع سنين ، فرأي رؤيا فصحت .