شعر وحكاياتعام

مدينة الأحلام الجزء الأخير


مدينة الأحلام الجزء الأخير

قصة
عزة عز الدين
~~~~~~~~~



أسعدته شحنة الأمل والاصرار التي بادرته بها، وابتسم ابتسامة رضا حوت كل المعاني، أشرقت الشمس وبسط الصباح رداءه الأبيض يضيئ كل شيئ، ويحوي قلوبا نبضت شوقا للقاء مرتقب دارت قبله الحكايات، 
وخلف جذع شجرة في منتصف الواحة كان أميرها قد أعد طاولة مستديرة أحاطها بمقعدين، وفوق الطاولة شموع بيضاء تحرك شعلتها نسمات رقيقة باردة، وفي منتصف الطاولة زهرة الياسمين التي تشع نورا وعطرا ودفئا ونعومة،
دعاها للجلوس فجلست، وأطالت النظر حولها لتحفظ تفاصيل واحتها في روحها، ثم حولت عينيها اليه تخبره كم كانت تفتش عنه في الأروقة وفي ملامح الغرباء حتى أدركته  هنا في هذه الواحة، سألها ان كانت احبته فلم تجب، فقد فاق شعورها هذا المعنى وارتقى حتى احتارت فيه فلم تجد له وصفا، أهداها زهرة الياسمين، ستسقيها من روحها بماء الود وستجزل لها العطاء، فهي الشاهد الوحيد على هذا اللقاء.
كانت تخشى قرب النهاية وأبت أن يفسد عليها هذا الخوف ساعات اللقاء الجميلة فتجاهلته وأمسكت بزهرة الياسمين علها تمتص هذا الشعور بجمالها الأخاذ.
 تنهدت وابتسمت وتركت له الحديث.
نظر اليها مبتسما متأملا وقال : أنت يا أيقونة الروح يا مدينة القلب، ان كنت قد فتشت عني في ملامح الغرباء، فقد فتشت عنك بين طرقات المدن، وسطور الكتب وأجنحة الفراشات، كنت أرى إطلالتك ملاكا من نور يطل لتشرق به الحياة من جديد، كان طيفك سلوتي التي اكتفيت بها وحضورك حلمي الذي تمنيته حتى تجاوزت الأربعين، وها نحن قد التقينا، لست أدري يا حوريتي كيف يمكنني أن أبقيك لؤلؤة مكنونة في صدفة تائهة لا يعرف سرها غيري.
لم تتشابك الأيدي بعد وإنما تشابكت الجمل والعبارات حتى سالت العبرات.
أما هو فقد عقد خيوط وجدانه بوجدانها في ملحمة صاخبة من الأحلام المؤجلة حتى إشعار آخر.  ثم أخبرها كم تمنى أن يشاركهما الواحة الحمام والنخيل ومن الخيل زوجين،  وتمنت هي الطاووس والطيور المغردة وسلال العنب والرمان ونهرا رقراقا من الماء العذب، تلك كانت أمانيهم في واحتهم الخضراء.
مر الوقت سريعا، انتهى اللقاء وأيقنوا انه لا مفر من الخروج. خرجا من الواحة لأرض الواقع، يتألمان ويتمنان لو استطاعا البقاء، ولكن هيهات هيهات فلا بد من الرحيل.
 تشابكت الأيدي واتفقا على المضي سويا في طريق المحبين، يتخطان العثرات ويتحديان الإخفاقات، يتذكران الواحة كلما قست عليهما الحياة، ويحبسان في صدورهما عبق عبير ظنا يوما انه من نسمات الجنة، يغلقان جفونهما على آية من آيات الجمال ويتعاهدان ألا يفترقا أبدا .




إقرأ أيضا

مدير قسم الأدب و الشعر
علا السنجري

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock