بقلم/ شيماء صلاح
أسباب العنف الأسري وأضراره، الأسرة هي الدعامة الأساسية لبناء الأمم والمجتمعات، فإذا صلحت الأسرة صلح المجتمع وتقدمت الأمم وسطرت حضارتها بقوة ومجد، وإذا فسدت تلك الدعامة فسدت أجيال وأهلكت أمم ودفنت حضارات وقتلت مجتمعات، ولعل هذا يبرز لنا مدى أهمية الأسرة والتي تعتبر الركيزة الأساسية لبناء الأمم والحضارات.
وإيمانا منا بأهمية دور الأسرة في بناء المجتمعات، أردنا أن نبحث معا في بعض المشاكل التي قد تعوق دور الأسرة في تطور المجتمع، ولعل من أهم تلك المشكلات التي واجهتنا هي قضية العنف الأسري، تلك القضية التي انتشرت وتفشت في مجتمعاتنا العربية بشكل كبير، حيث انتشرت تلك الظاهرة حتى أصبحت من أكثر الظواهر الإجتمعية تأثيرا، الأمر الذي دفع الباحثين لإجراء العديد من الأبحاث المتعلقة بأسباب مشكلة العنف الأسري وأشكالها والأضرار الناجمة عنها.
أسباب العنف الأسري وأضراره وتأثيره على الفرد والمجتمع
إننا بصدد قضية هامة قد تقتحم كل بيت دون استئذان، كيف لا ونحن من نفتح أبوابنا لمثل تلك الظواهر الهدامة، والتي لا تساهم إلا بفساد أجيال كاملة، وانهيار مجتمعات بأكملها، ولهذا كان يجب علينا أن نسلط الضوء على تلك الظاهرة الإجتماعية الخطيرة، فتابعونا…
ما هو العنف الأسري؟
بحث علماء النفس والإجتماع كثيرا لتعريف العنف الأسري، حتى ذهب بعضهم إلى تعريفه بأنه حالة غير طبيعية يستخدم فيها أساليب الترهيب والعنف والإيذاء من قبل أحد أفراد الأسرة ضد فرد آخر من نفس الأسرة، يأخذ هذا العنف عدة أشكال، فهو إما عنف جسدي متمثل في الضرب والركل والإيذاء الجسدي، وهناك عنف نفسي متمثل في التخويف والتهديد والإضطهاد والإهانة اللفظية، وقد يأخذ العنف الطابع الجنسي الذي يأخذ شكل الإعتداء الجنسي، ويعتبر الأخير هو أخطر أنواع العنف.
أسباب العنف الأسري:
هناك بعض الأسباب الرئيسية والتي تكمن وراء ظاهرة العنف الأسري، وهذا تبعا للكثير من الأبحاث الإجتماعية والنفسية، وسنذكر من تلك الأسباب:
• التنشئة الاجتماعية الخاطئة:
تعتبر التنشئة الخاطئة أحد الأسباب الرئيسية المؤدية للعنف الأسري، فإذا نشأ الطفل في بيئة غير صالحة مليئة بالمشاحنات العائلية والمشاجرات الأسرية، فإنه يصبح طفلا أكثر عدوانية وعنف، مما يؤثر على أسرته في المستقبل، وبطبيعة الحال يغلب العنف على معاملته لزوجته ولأبنائه، مما يعني ظهور العنف الأسري.
• الموروث الإجتماعي الخاطئ:
تنتشر من حولنا بعض من الموروثات الإجتماعية الخاطئة وخاصة تلك التي تخص أسلوب التربية، فهناك بعض الأباء الذين يعتقدون أن بالعنف يمكنه تربية رجل قوي ومسئول، وأنه يجب أن يربيه على نفس نهج أبوه، ظنا من الأب أن اللأساليب القديمة تصلح لتربية أبناءه، وهذا خطأ فادح، فالشدة لن تولد سوى الشدة والعنف لن يولد سوى العنف، مما يعني تحويل الطفل إلى إنسان عدواني وعنيف وقاسي، يفتقد إلى الرحمة والألفة، أي تحويل طفل برئ إلى مريض نفسي.
• غياب الحوار الأسري:
الحوار الأسري هو طريق تقارب ثقافات الأجيال المختلفة وتقارب وجهات نظرهم، وبالتالي نتجنب صدتم الأجيال والثقافات من خلال الحوار البناء بين أفراد الأسرة، وبطبيعة الحال مع غياب هذا الحوار يحدث ما لا تحمد عقباه من تصادم بين الأب وابناءه لاختلاف ثقافتهم وجيلهم وحياتهم، وقد يصل الأمر إلى محاولة فرض ثقافة جيل على الآخر، مما يصل بنا إلى نوع من الإضطهاد والعنف النفسي البالغ والذي قد لا تحمد عقباه.
• غياب دور المجتمع:
مما لا شك فيه أن للمجتمع دور هام في بناء أولاده، حيث ينبغي العمل على غرس الأخلاق الحميدة والقيم النبيلة، عن طريق التوعية والإرشاد في المدارس من خلال تضمين المناهج التعليمية فصولا ودروسا تحث على غرس القيم والأخلاق ونبذ العنف بأشكاله، بالإضافة إلى دور العبادة ودورها في بث الفضيلة والأخلاق المستمدة من الدين ، ولا ينبغي أن نغفل عن دور الإعلام في ترسيخ القيم المجتمعية وأساليب التربية الحديثة، وبالتالي مع غياب دور المجتمع تظهر المشاكل الإجتماعية وتتفاقم ولا سيما مشكلة العنف الأسري التي نحن بصددها في عذا المقال.
أنواع العنف الأسري:
يمكننا تقسيم العنف الأسري إلى ثلاثة أنواع هامة وهي:
العنف الأسري ضد الأطفال:
يتأثر الطفل بشكل كبير عند معاملته بنوع من العنف والإضطهاد، حيث أثبتت الإحصائيات والدراسات أن الطفل الذي يتعرض للعنف من قبل والديه أو أحدهما يكون أكثر عرضة للأمراض النفسية، كما أنه يصبح أكثر عنفا وعدوانية عندما يكبر، فيصبح أكثر إيذاءا لمن حوله، وأكثر عدائيه لمجتمعه.
ومما هو جدير بالذكر أن التعامل مع الأطفال بالعنف قد يساهم في إصابتهم بالقلق المرضي أو الرهاب الإجتماعي، كما قد يصيبه بالعزلة عمن حوله والإنفصال عن واقعه ومجتمعه، ولك أن تدرك قارئي المريم أنه تزيد احتمالية إصابة الكفل بالعزلة والإنطوائية عندما يتعرض لنوع من العنف الجنسي من داخل الأسرة أو خارجها، وهذا أخطر أنواع العنف وأكثرها إيلاما للنفس، وحينها يفضل الطفل أن ينغلق على نفسه وينفصل عن واقعه ويبتعد عن كل من حوله، فكن أكثر اهتماما ومتابعة لطفلك وتعامل معه براق ولين، ويجب أن تحاول الوصول إلى لغة حوار بينكما حتى تصل بأبنائك إلى بر الأمان.
العنف الأسري ضد المرأة:
تتعرض المرأة للعنف بكل صوره، فقد أصبح العنف ضد المرأة ظاهرة إجتماعية بالغة الخطورة على بناء الأسرة وبالتالي بناء المجتمع، وحسب تعريف الأمم المتحدة فإن العنف ضد المرأة هو السلوك مرضي يمارسه الرجل ضد المرأة وفي الغالب يكون الدافع هو العصبيّة الجنسية، وممها هو جدير بالذكر أن العنف ضد المرأة لا ينحصر في شكل واحد بل قد يأخذ أشكال عدة مجتمعة معا كالعنف الجسدي والنفسي والجنسي واللفظي أيضا، ولك أن تدرك قارئي العزيز أنه قد أطلقت عدد من المنظمات العالمية المَعنية بالدفاع عن حقوق المرأة مبادرات كثيرة لوقف العنف ضد المرأة والتصدي له ونشر التوعية لأسبابه ونتائجه وما يترتب عليه من أضرار، وقد خصصت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 25 من نوفمبر يوماً دولياً للقضاء على العنف ضد المرأة.
العنف الأسري ضد المسنيين:
يقصد بهذا النوع من العنف هو أي عمل يقصد به أي إيذاء جسدي أو نفسي أو لفظي لكبار السن والإيذاء المادي أيضا، وأرى أن من يقوم بمثل تلك الأفعال من العنف ضد المسنين وسوء معاملتهم ماهم إلا مرضى نفسيين بالغي الخطورة وللأسف فقد صاروا كثر في تلك الأيام، حيث أجريت العديد من الدراسات التي تناولت هذا الأمر، وقد أثبتت تلك الدراسات والأبحاث أن كبار السن يتعرضون يوميا لسوء المعاملة والعنف في مختلف دول العالم، كما أشارت إلى أن حالات العنف التي ترتكب بحقهم تنوعت ما بين العنف اللفظي المعنوي والعنف الجسدي المادي، وأكددت تلك الأبحاث أن ما يساهم في زيادة معدل هذه الجرائم هو عدم إبلاغ المسن عما يتعرض له من عنف وسوء معاملة خوفا من فقدان مصدر رعايته.
أضرار العنف الأسري على الفرد والمجتمع:
للعنف الأسري أضرار بالغة الخطورة على الفرد والمجتمع، وسنذكر بعض من تلك الأضرار في تلك السطور القليلة المقبلة.
• يؤدي العنف بكافة أشكاله وأنواع إلى بعض المشاكل النفسية مثل القلق والرهاب الإجتماعي والعزلة والإنفضال عن الواقع.
• يتسبب العنف الأسري في اهتزاز الثقة بالنفسة وعدم إدراك قيمة الذات مما يعني تكوين طفل مهزوز، غير واثق من نفسه وضعيف الشخصية.
• قد يصل العنف الأسري بأطفالنا إلى بعض الإضطرابات في الأكل والنوم، بالإضافة إلى ميوله العنيفة والعدوانية، ويمكننا رؤية ذلك جليا من خلال تعامله مع ألعابه وزملاؤه في المدرسة وأخواته وأقاربه ممن هم في مثل سنه وأصغر منه.
•يؤثر العنف الأسري على عقلية أطفالنا، مما يسبب صعوبات التعلم لدى الطفل وبطء النمو العقلي نتيجة للإضطرابات النفسية والصراعات الأسرية التي تدور من حوله.
• الطلاق، حيث يعتبر الطلاق من أخطر نتائج العنف الأسري، مما يتسبب في إعاقة بناء الأسرة والتي هي بذرة بناء المجتمع وتقدمه وخروج أجيال سوية نفسيا واجتماعيا.
وختاما ينبغي أن ندرك جميعا أن العنف سلوك قابل للتنقل بين الأجيال، ناتجا عنه العنف والجريمة، فالعنف لا يولد سوى العنف، لذا يجب أن نكون أكثر وعيا وقراءة قبل الإقدام على بناء أسرة قد تصاب بالعلل والمرض والعنف.
مقالات منوعة:
كوبلر الخوخ الشهي في ليالي الصيف الحارة
أطباق سريعة التحضير في رمضان
من أهم الأمراض التي تسببها الفئران
موقع مجلة سحر الحياة
مقال رائع رائع ومعلومات غنية