كتب/ صلاح متولى
جعل الله تعالي لنا رمضان – لا ليحرمنا – ولا ليجوعنا …. ابدا ..
بل ابان الله عز وجل لنا الحكمة من رمضان وصيامه وقيامه ، وهي أستعادة تقوي القلوب .. وإعادة شحنها وتعبئتها بالإيمــــان وحُســـن الإقبـــال عليه جل جلاله فقال تعالي : { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } البقرة 183 .
لذلك نبهنا النبي صل الله عليه واله وسلم في الحديث عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالعَمَلَ بِهِ، فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ» صحيح البخاري .
فقول الزور هنا : ليس هو قول الشهادات الباطلة ولكن المقصود ان الصيام الصحيح الحقيقي الصادق هو الصيام عن كل باطل قولاً ، وكل باطل عمــــــلاً ، والتحول لحياة الجِــــد في الطاعة والتسليم لله جل جلاله
حتي نستعيد حياة التوجـــــــــه لله تعالي بطاعات وقربات وصالحات وعبادات يومية ، كما كان شأن أهل القربي والأُنس بالله تعالي …
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ صَائِمًا ؟« قَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: أَنَا، قَال:َ« فَمَنْ تَبِعَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ جَنَازَةً؟» قَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: أَنَا، قَالَ: «فَمَنْ أَطْعَمَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ مِسْكِينًا؟» قَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: أَنَا، قَالَ:« فَمَنْ عَادَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ مَرِيضًا؟» قَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: أَنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «مَا اجْتَمَعْنَ فِي امْرِئٍ، إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ» [صحيح مسلم وغيره] .
جعل الله تعالي رمضـــــان
ليساعدنا بإذنه تعالى وتوفيقه وفضله – علي تحقيق قيام المسلم بوظيفته الحقيقية في الحياة ، التي خُلِق من اجلها ، بل والتي هي اصل وجوده – وهي { العبــادة } ، ومن ثم يحقق الغاية العظمي التي هي اسمي امانيّ المؤمن ، و هي الفوز برضا الله تعالي ونعيم جنته .
فالعبـادة – هي وظيفة الإنسان ، والهدف الحقيقي من وجوده فيها ، كما انها تشمل ذات الإنسان بكل كيانه وجوانبه .
قال تعالي { وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ } الذاريات 56
وقال جل شأنه { وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ } البينة 5
فهذا هو أصل حياة المسلم كلها – ارادها الله تعالي – عبادة خالصة لله عز وجل في جميع جوانبها الخاصة والعامة ، الاعتقادية والعملية .. وهو يسعي للقمة عيشه ، وهو يتزوج ، في حركته ويقظته بل حتي في نومه .. المسلم عابد لربه تبارك وتعالي في كل تحرك وسكون له .
قال تعالي { قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } الانعام 162 .
وقال تعالي { تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ }الملك 1- 2 .
ومن اجل ان يقوم الإنسان بوظيفته بحق ، سخّر الله تعالي للإنسان كل مافي الأرض فقال تعالي { هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا }البقرة 29 .
وقال تعالي { اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهَارَ * وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ *وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ }ابراهيم 32- 34
وهكذا فهم الصحابة رضي الله تعالي عنهم الحياة ، انها توجــــــــــــــــــــــــه لله تعالي في كل حــــــــال …
كما فهمها سيدنا رسول الله صل الله عليه واله وسلم وهو خير اسوة امرنا الله تعالى ان نتأسي ونقتدي به ، وخاصةً انه كان مع كثرة تعبده ، بل إشغال يومه وليلته بالطاعات ، كان صل الله عليه واله وسلم يدعوا الله عز وجل ان يعينه علي حُــسن عبادته ويوصي بذلك اصحابه رضي الله عنهم .
عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي الله عنه قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه واله وسلم ” لَا تَدَعَنَّ أَنْ تَقُولَ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ : اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ , وَشُكْرِكَ , وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ ” صحيح ابي داود.
فوظيفة رمضان : إستعادة هذه الروح ، وإستعادة هذه الهِمة ، وهذه النفسية مع الإيمان .
تقبل الله تعالي منا ومنكم وبإذن الله تعالي نلتقي غدا …