كتبت
دعاء سنبل
“نيازي مصطفى” لقب بشيخ المخرجين صاحب أكبر أفلام الأكشن في السينما المصرية في عصره .
نيازي مصطفى ولد في مدينة أسيوط لأم تركية وأب سوداني الجنسية ، ألتحق نيازي مصطفى في ألمانيا “بمعهد الفيلم الألماني ” ، بعد إتمام دراسته عاد إلى مصر ، وسعى لمقابلة طلعت حرب، وعندما نجح في مقابلته وافق علي الفور علي تعيينه في شركة مصر للتمثيل والسينما حيث بدأ في قسم المونتاج لبعض الأفلام التسجيلية التي كانت الشركة تنتجها كدعاية لشركات بنك مصر، لكن نيازي لم يكتفي بذلك فقد كان طموحه السينمائي أبعد من ذلك بكثير ، عمل مساعدا ليوسف وهبي في فيلم “الدفاع”، كما قام بإخراج أول فيلم سياسي دعائي في مصر لصالح حزب الوفد وزعيمه مصطفي النحاس باشا وتم تصويره بمدينة رمسيس، كما أخرج في هذه الفترة فيلما قصيرا الراقصة بديعة مصابني بعنوان ” سوق الملاح “.
يعتبر المخرج نيازى مصطفى مخرج من مخرجى الترسو، إذ كانت أكثر أعماله مرتبطة بالعنف والمعارك والمطاردات ، ولذلك سمي بمخرج أفلام الأكشن .
نيازي مصطفى عمل العديد من الأعمال الهامة في تاريخ السينما المصرية ومنها “عنتر بن شداد”،”صغيرة على الحب”، “الساحرة الصغيرة”،”العتبة جزاز”، “البحث عن فضيحة”،”30 يوم في السجن”، “كنوز”، وغيرها الكثير من الأعمال …
قصة حب زواج نيازي من الفنانة” كوكا”
بدأت قصة حبهم منذ الفيلم الأول لها “مصنع الزوجات”، وقد تألقت الفنانة الراحلة كوكا وأصبحت فنانة مشهورة كما عُرضت عليها أفلام يتم تصويرها خارج البلاد، ولكنها رفضت جميع العروض بسبب حبها الشديد للمخرج نيازي مصطفى، وبالفعل أستقرت بمصر وتزوجت من حبها الأول، وقد بإخراج لها عدة أعمال منها سمراء سيناء ، وعنتر بن شداد.
كانت حياتهم الزوجية مستقرة جداً ويملئها الحب والتفاهم ، لكن بعد فترة من الزواج ، صدمت الفنانة كوكا بخبر أنها لا تستطيع الإنجاب، وقد ذهبت للكثير من الأطباء لمحاولة الإنجاب ولكن بدون فائدة، وفي أحدى الأيام طلبت من زوجها “نيازي” أن يتزوج من سيدة أخرى تستطيع أن تنجب له طفلاً.
بعد الكثير من الإصرار منها على زواج نيازي بأخرى، وافق على الأرتباط بسيدة أخرى، وبحث كثيرا عن سيدة تكون حالتها مناسبة لحالته، وأخيراً أختار الراقصة المشهورة وقتها “نعمت مختار”، ولكن لم يستطع الأستمرار معها كثيراً وقرر الإنفصال عنها والعودة إلى حبه الوحيد الفنانة كوكا، بعد علمه أنها أصيبت بمرض السرطان اللعين، وظل معها حتى توفيت في 29 يناير سنة 1979 م لتنتهي قصة الحب الأفلاطونية .
وفي أحد الأيام استيقظ حي الدقي في الجيزة بمصرتحديداً صباح يوم 19 أكتوبر عام1986م، على نبأ مقتل” نيازي مصطفى”، حيث أكتشف طباخه ويدعى ” محمد عبد الله” أن باب المطبخ مغلقًا على غير العادة
فطرقه ليوقظ” نيازي ” ولكنه لم يستجب ، ثم توجه الطباخ إلى عمله الحكومي ليعود مرة جديدة في منتصف النهار، ليجد الأبواب مغلقةً كما هي، طرقها من جديد فلم يسمع يجد رداً ، نظر من ثقب الباب فوجد أنوار الشقة مضاءة، عندئذ قصد منزل شقيقة المخرج الحاجة زينب طالباً منها المفتاح الأحتياطي للشقّة، وتمكن من فتح الباب.
ليتفاجأ بالمخرج في غرفة نومه، مرتديًا جلبابًا أبيض ويداه مقيدتان من الخلف بكرافتة وشرايين يده مقطوعة بشفرة حادة، ومكمم الفم بفوطة من القماش وقد فارق الحياة
ووجد ملف ضخم يحتوي على أوراق ومذكرات نيازي تم العثور عليه، وبعد فحصه تبين أنه تعرض للعبث، إلى جانب شهادات إستثمار بأسماء سيدات وعلبة سجائر تحتوي على سيجارتين فقط، كما عثروا على نظارته الطبية قرب أوراق مبعثرة على مائدة الطعام تخص أعماله السينمائية الأخيرة.
مقربون من نيازي أكدوا أنه عاد ليلة الحادث في السابعة مساءً فور إنتهائه من تصوير المشهد الأخير من فيلم “القرداتي”، وبعدها بساعة حضر الطباخ ومعه العشاء، حيث كان نيازي يعيش وحيدًا في شقته التي استأجرها منذ عام 1948م، وأرتبط وزوجته الراحلة كوكا بعلاقات جيدة مع الجيران، ولكن بعد وفاتها أنقطعت علاقته بهم وأصبح منعزل عنهم .
وبعد تحريات أستمرت لسنوات طويلة توقفت خيوط البحث في قضية مقتله لأن علاقات المخرج الراحل كثيرة ومتشابكة بالإضافة إلى وجود كم كبير من البصمات داخل الشقة لأقاربه وأصدقائه الذين سبقوا الشرطة في الذهاب إليها، وقيامهم بنقل الجثة من مكان الجريمة مما أضاع معالمها فقررت النيابة حفظ القضية وتقييدها ضد مجهول.
ما زال قاتل نيازي مصطفى مجهول حتى اليوم ولا يعلم من هو إلا الله ، رحم الله مخرجنا العظيم وأسكنه فسيح جناته .