ضمن فعاليّات مهرجان الفنون الإسلاميّة /أفق بإمارة الشّارقة الدّورة ال 21
أسمهان الفاتح /تونس
افتتح الأستاذ محمد إبراهيم القصير مدير إدارة الشؤون الثقافية بدائرة الثقافة ومدير مهرجان الفنون الإسلامية /الدورة الحادية والعشرين تحت شعار ” أفق”، وسعادة مروان بن جاسم السركال االرئيس التنفيذي لهيئة الشارقة للاستثمار والتطوير “شروق” ، معرض “كلٌ في فلك يسبحون ” للفنانة دانة عورتاني، المملكة العربية السعودية – فلسطين ، في مركز مرايا للفنون في القصباء بالشارقة.
حضر الافتتاح مدراء و رؤساء أقسام دائرة الثقافة ، والموظفون، والفنانون المشاركون وضيوف المهرجان من الإعلاميين والنقاد ، وجمهور عام من محبي الفنون الإسلامية.
وصرح الأستاذ محمد القصير خلال المعرض قائلا: ” يعتبر هذا المعرض من المعارض الموازية لمهرجان الفنون الإسلامية ، ويبرز من خلاله تجربة فنية ثرية ومتميزة للفنانة دانة عورتاني، وأعمالها الفنية فريدة من نوعها من ناحية الدقة والجمال والتعبير عن الفنون الإسلامية الرائعة وفيها جانب من الخصوصية العربية ، كما يأتي هذا المعرض بالتعاون مع مركز مرايا للفنون ، وهناك عدة معارض أخرى في المهرجان جاءت بالتعاون مع مؤسسات حكومية ، وذلك يجعل المهرجان متنوعا ومتاحا لأكثر عدد ممكن من الجمهور في كل أنحاء الشارقة ” .
ضم المعرض سلسلة من الأعمال الفنية قدمت تجربة فنية ثرية للفنانة دانة عورتاني، إذ يركز هذا المعرض بشكل خاص على استخدام الطبقات في ممارستها الفنية، ويضم مزيجاً من القطع الموجودة والجديدة التي توظّف ذلك المزيج من العناصر المعقّدة في عملها، وتعتبر أعمالها تمثيل مرئي لزمان ومساحة محدّدة ثقافياً.
تجسد ذلك في عملها الفني المعروض بـعنوان “الحب شريعتي، والحب إيماني” استلهمت دانة فيه التطريزات الثمانية المعلقة من ثماني قصائد غزلية لابن عربي، وهي تحمل نقوشاً معقدة ومتقنة، وباستخدام تقاليد المنسوجات السعودية تقوم عورتاني بإبداع سلالات المعنى التي تعمل كشكل من أشكال التأمل، بحثاً عن الروح الداخلية بدلاً من الموجودات الخارجية.
وفي عمل آخر بعنوان”أنصت إلى كلماتي” قدمت عورتاني تركيبة غامرة تجمع بين الألواح الحريرية المطرزة يدوياً، وصاحب ذلك تسجيل صوتي لنساء يُلقين مقتطفات شعرية لشاعرات عربيات ، ويهدف هذا العمل إلى كشف النقاب عن مجموعة كاملة من أولئك الشاعرات في الفترة بين العصر الجاهلي وصولاً إلى القرن الثاني عشر، إذ كان دور المرأة غالبا آنذاك ممثلاً تمثيلاً ناقصاً في الفن والسياسة والعلوم.
ثم تستكشف عورتاني في العمل الفني “الخلفاء” تاريخ الإمبراطوريات الإسلامية لجهة تطور الفنون والحرف اليدوية في ذلك الوقت، وتُركّز في هذه القطعة تحديداً على فن التذهيب القرآني، الذي يلعب دوراً أساسياً في الممارسة الفنية لديها.
في “مجسمات أفلاطونية” ابتكرتْ عورتاني سلسلة من المنحوتات والرسومات المبنية على المجسمات الأفلاطونية، وهي دراسة قديمة للأشكال القائمة على الهندسة الإقليدية، حيث تُعتبر المجسمات الأفلاطونية من أكثر الأشكال المدروسة في التاريخ، فقد كانت موجودة منذ آلاف السنين، ودرس علماء الهندسة خصائصها الرياضية، وفتنوا بجمالها المتناسق وتناظرها.
أما في عملها المعنون بـ “منحوتات زجاجية” سوف يُلقي التفاعل بين الزجاج والضوء نقشاً على الأرض يواصل استكشاف الفنانة للمادة نفسها، وعلاقتها بصناعة الحرف التقليدية، واعتباراتها الرسمية للهندسة نفسها.
تعيش عورتاني وتعمل في جدة ، وتهدف دانة عورتاني (31 عاماً) من خلال تجربتها الفنية إلى سد هذه الفجوة بين التقليدي والمعاصر، وبين القديم والجديد، بطريقة تجمع كلا الممارستين معاً في تناغم ووئام، ما يمنح التذهيب الإسلامي صوتاً في العالم المعاصر، لاسيما أن بعض الفنانين ينظرون إلى التذهيب على أنه شكل فني عالق في الزمن، ويفتقر إلى أي نوع من الابتكار أو الحداثة.
إن دانة عورتاني فنانة انتقائية، تتميز بقدرتها على صناعة الدهشة ما إن يبصر المتلقي إحدى أعمالها تقليدية الممارسات، إذ تقوم على إعداد المواد والأصباغ بنفسها، لكن عملية الإحياء المستمر والأداء المعاصر غايتها وسبيلها في التجهيزات الفنية، ويظل الوقوف عند أعمالها بمثابة رحلة استكشاف في عوالمها وتجاربها المملوءة بلغة بصرية فاتنة.