كتبت
علا السنجري
” ناظر مدرسة أشرار السينما ” ، المُمثل و السيناريست الذي تمر ذكرى وفاته اليوم ، واحد من القمم الفنية التى تألقت فى زمن الفن الجميل ، أنه الإذاعى الشامخ الذى لا تنسى رنات صوته العذب المُثير الرخيم ، بالإضافة إلى ذلك هو الفنان الذى يجعلك تشعر بالرعب بمُجرد ظهوره على الشاشة ، من قسوة ملامح وجهه التى ساعدته على أداء أدوار الشر . إنه الفنان محمود السباع .
محمود السباع صرح بأن تلك الأدوار لم تكن من الأدوار المُحببة لديه ، بل شبه فرضت عليه ، لأنها عكس شخصيته تماماً و لأنه كان شديد الطيبة بدرجة كبيرة بشهادة كُل زملاء جيله فى الوسط الفنى . كان يحب الأدوار الإنسانية التى تحمل رسالة و هدف ، و لكن المُخرجين وضعوه في أدوار الشر فقط . استطاع أن يلعب كل الأدوار سواء أكانت إنسانية أو كوميدية أو غيرها من الأدوار فقدم دوراً كوميدياً فى فيلم ” غرام فى الطريق الزراعى ” ، مع محمد عوض و شويكار .
محمود السباع ولد فى مدينة كردفان بالسودان و تحديداً يوم ٢٤ / ١ / ١٩١١ م ، وسط 7 من الأشقاء ثُم جاء مع أسرته إلى مصر ليستقر بحى حلمية الزيتون بمُحافظة القاهرة ، بدأ مسيرته الفنية عندما كان طالباً فى الثانوية ، حيث كون فرقة مسرحية تتجول فى المحافظات ، أطلق عليها اسم فرقة « آمون » ، قدم مع الفرقة أولى مسرحياته و هى « عبدالستار أفندى » للأديب محمود تيمور ، ثُم التحق بالإذاعة الذى كان انتمائه الحقيقى لها حيث أخرج العديد من التمثيليات الإذاعية .
محمود السباع أقدم على كتابة السيناريو و الحوار فى خمسة أفلام، هم « هدمت بيتى » و « المرأة » و « غدر و عذاب » و « الشك القاتل » و « حُكم قراقوش » ، حقق نجاحاً هائلاً مما جعله يفكر أن يلتحق بمعهد التمثيل ليحصُل على الدراسة الأكاديمية ، لكن عائلته رفضت تماماً هذا الأمر فى البداية و لكنها فى النهاية تحت إصرار السباع لتحقيق حلمه وافقت .
محمود السباع تخرج من معهد التمثيل في عام ١٩٣٣ م ، إنضم بعد التخرج مُباشرة للفرقة القومية للتمثيل ، التي يُديرها المسرحى العملاق ” زكى طليمات ” ، قدم خلالها السبّاع أهم أعماله المسرحية « أهل الكهف » للأديب توفيق الحكيم .
تسبب نجاح محمود السباع المسرحي في إرساله في بعثة للعاصمة البريطانية لندن لدراسة الإخراج المسرحى ، و قام خلالها بتقديم العديد من العُروض المسرحية منها « سيدتى الجميلة » عن مسرحية ترويض الشرسة لـ ” ويليام شكسبير ” ، ثم عاد إلى القاهرة وعمل مُخرجاً إذاعياً عام ١٩٥٤م وكانت « هروب » هى التمثيلية الأولى التي يُخرجها . عند إنشاء التليفزيون عام ١٩٦٠ ، سافر السباع مرة أخرى إلى الولايات المُتحدة الأمريكية والتحق بمعهد بوسطن للتليفزيون لمُدة عام ، عُين بعد عودته مُباشرة لمصر مُديراً للتمثيليات بالتليفزيون عام ١٩٦١م .
محمود السباع تدَرجَ فى عدة مناصب بالتليفزيون فبعد عام واحد أصبح مُراقباً للتمثيليات ثم تولى الإشراف على فرقة التليفزيون المسرحية عام ١٩٦٣م ، ليُصبح نائباً للمُستشار الفنى للمسرح وعلى المسرح الكوميدى عام ١٩٦٤م ، ثم مُستشاراً فنياً لإدارة المسرح عام ١٩٦٥ م ، و مُشرفاً على فرقة الفنون الإستعراضية عام ١٩٧٣م فكرمته أكاديمية الفنون على مُجمل أعماله و أهدته جائزة الجدارة .
إقرأ أيضا
شترك السباع بالتمثيل فى أكثر من عمل مسرحى كان أبرزها « قنديل أم هاشم » و « آدم و حواء » و « عدس و كافيار » ، ثم قام بعد ذلك بالتمثيل فى أكثر من أربعين عملاً سينمائياً تنوع بين الشر و الكوميديا ، و الأدوار التاريخية و أشهرهم على الإطلاق دور المُنافق “عبد الله بن أبى سلول ” فى رائعة مُصطفى العقاد « الرسالة » ، و الريفى الشرير في « حسن ونعيمة » مع مُحرم فؤاد و سعاد حسنى ، و العجوز الذى يبحث عن زوجة فى « احترسى من الرجال يا ماما » مع محمد عوض و لبلبة ، كان آخر أدواره فكان الدجال مع أحمد زكى فى فيلم « البيضة و الحجر » عام 1989م و الذى قام فيه بأداء شخصية الدجال ” سباخ التيبى”.
محمود السباع توفي فى ٢٧/ ٢ / ١٩٨٩ م عن عُمرٍ يُناهز الـ ٧٩ عاماً بعد رحلة طويلة من المُعاناة مع مرض القلب و الشيخوخة . غاب عنا محمود السباع جسداً فقط ، لكن فنه الراقى خالد ، فقد ترك رصيداً هائلا من الأعمال الفنية المُتميزة .