شعر وحكاياتعام

كوني عشيقة زوجك طول العمر

 
كوني عشيقة زوجك طول العمر

هويدا حسين أحمد 
قصة قصيرة

كانت *(ليلى)* منتهى الجمال والرقّة …

شخصيتها الممزوجة بالروعة جعلتني أحمد الله على أنني اخترتها دون غيرها لتكمل معي باقي عمري، فمنذُ وصولها إلي منزلي وأنا عاهدت الله بأن اعاملها بما يرضي الله. كنت استيقظ على همس صوتها الرقيق ونفحات عطرها و التي لطالما أحببته. 

كل شيء في البدايات جميل وعلى أكمل وجه من بداية نهاري إلى نهايته؛ فالإفطار ينتظرني وحتى ملابسي وحذائي النظيف اللامع على أطراف الكرسي وغرفتي المُرَتبةِ والإبتسامة المشرقة والتى تطل على نافذة السعادة … وما يبقى لي غير أن أجهز نفسي للدوام الذي كان يفصلني عنها ويُرجعني لها بكل شوق وانا أحسب الوقت وأحسه عمراً كاملاً …

حنان *(ليلى)* ورقتها وقوامها الممشوق وصوتها الهادئ وتعاملها الحكيم جعلني رجلا متغيرا تماماً أكثر إنتاجية وأكثر حكمة وما أجمله من إحساس حينما أحضر إلى المنزل بعد عناء العمل أدخل ذاك العُش الهادئ ابحث عن شريكة حياتي و التي أفتقدها طوال اليوم ، فأجدها في المطبخ فأجلس خلف البراد أسمع زقزقته و أسند ظهري عليه و أرى ليلى بقوامها الممشوق وهي تلعب بأدوات المطبخ لتُعِدّ لنا وجبة الغداء وكأنها سيمفونية عشق و حتى طنجرة الطبخ تخيلتها ٱلة موسيقية والدجاجة داخلها تتراقص على أنغام يدبها الناعمتين وانا أراقبها بصمت أحياناً وأحياناً أخرى أَحدِثها عن عبئ العمل واليوم الشاق وبعدها نجلس على طاولة واحدة ونتحدث كأننا بلابل صوت هادئ وطلبات بسيطة جعلني اعشق حياتي وأؤمن بإختيار أمي فأنا وليلى تزوجنا زواجاً تقليدياً ولكنه ناجح بنسبة عالية…. 

مرت السنة الٱولى وأنا في حلم جميل حتى أستيقظت من هذا الحلم بعد أول طفل لنا ….. *(فبعد ثلاث سنوات مرت على زواجنا)*** استيقظت من نومي على بكاء طفلي وعلى صوت أشبه بأزيز الرياح حينما تمر على الشجر ؛ صوت الطفل وصوتها الهادي وهي تهدهد فيه جعلني أشعر بالغيرة من الزائر الجديد حاولت إقناعها بأن أخرج من غرفتي لأنام في غرفة المسافرين، لكي أستطيع النوم والراحة فأنا أستيقظ مبكراً للدوام وعملي يتطلب مني مجهودا ذهنيا، فسرعان ما تبدل الحال واحتل الطفل مكان نومي حتى اعتدتُ على النوم بمفردي والبلبل الشادي (ليلى) تنام في الغرفة مع الطفل. 

تمة أشياء عدة تغيرت بعد ثلاث سنوات من الزواج سوى شيئا واحداً لم يتغير هو حبي لها فأنا أحبها كأول مرة التقيت بها. لم أكن أتوقع أنني سأتغير هكذا فأنا أصبحت لا أهتم بها بل أهتم بالطفل وغير علاقتي ببعض الصديقات اللاتي أتواصل معهن عن طريق الدردشات قبل النوم؛ وهي كذلك تغيرت تماماً فهي أصبحت لا تهتم بمظهرها فالثوب الذي تلبسه في الصباح هو نفسه الذي تطبخ به وتنظف به وحتى أثناء عودتي إلى المنزل تستقبلني به، وكثيراً ما لفتت نظرها على ذلك ولكن لا حياة لمن تنادي!

يدور دولاب الأيام والفجوة بيننا تكبر والروتين يقتلني وأنا على أمل أن تتغير وترجع كما كانت ولكن لا فائدة من الحديث أصبحت أستيقظ على أجراس المنبه بعدما كانت توقظني لأجد ملابسي جاهزة في الغرفة ولكن ليس كبداية زواجنا ألبسها ثم أهرع الى المطبخ أحمل كأس الشاي بالحليب وانطلق الى الدوام… وبعد الإنتهاء منه أدخل الى المنزل أجرجر أرجلي بعد عناء طويل أحمل معي الخبز والحليب و متطلبات المنزل، أدخل إلى المطبخ وأنظر إليه أحييها وهي تحضر لي وجبة الغداء كل شيء تغير لم تكن نفسها قائدة الأوركسترا و التى كنت أُرقبها وهي تعزف موسيقى الطبخ، وأهرب منها إلى غرفتي أجلس في شرفتي التي تطل على الشارع أُدخن لفائف التبغ وبجانبي القهوة وهي التي تصرخ مع الطفل تارة وترجع بمناداتي فقط ما افعله هو أني أنتظر حتى وقت الغداء يحين أنظر الى تلك الحسناوات وقوامهن الممشوق وشعرهن السائب على أكتافهن تغير كل شيء بسرعة…. 

أصبحت (ليلى ) لا تهتم بنفسها ولا بشعرها المسدول الأسود والذي تقَصَّف او بت احياناً لا ٱراه بسبب ذلك الوشاح الذي لا يفارقها وقميصها الواسع الذي بهت وترهلات جسدها والتجاعيد التي ملأت يداها، تغيرت كثيراً أصبحت لا اراها جذابة إلا حينما نخرج. 

تغير قميصها ووتتعطر وتضع ذلك الكحل الأسود الغائر وأحمر الشفاه الوردي الذي نسيته تماماً وتسدل شعرها الأسود على أكتافها مرت سنوات وتغيرت فيها الحياة ما الذي جعل ليلى لا تهتم. سوى بالمنزل والطفل ومتطلبات الأسرة وتنسى أهم من ذلك كله هو بأن تهتم بنفسها وبي كما كانت… كنت أشم رائحة البخور والعطور من بعد أميال عنها و ملابسها المناسبة التي ترتديها كانت تقتل قلبي وقوامها الممشوق وشعرها المسدول وأظافرها ومنزلها وطريقة وقفتها وصوتها الهادئ جميع هذه الأمور تغيرت واختلف الوضع ؛ أصبحت اليوم لا أشم سوى رائحة البصل والثوم والطبخ وحمام الزيت الذي لا يفارق شعرها إلا إذا خرجنا وملابسها التي لا تبدلها إلا أثناء النوم …

تغير الحال وكأنني كنت في حلم جميل جداً واستيقظت منه بعد برهةً من الزمن…. 

الكاتبة; هويدا حسين أحمد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock