بقلم / غادة عبدالله
بعض الناس لم يكن يؤمن بتلك القوة على الحسد، و لكن مع مرور الأزمان ثبت الكثير من ذلك، و مع قدوم دين الإسلام ترسخ المفهوم لدى المسلمين بوجود الحسد فيقول الله سبحانه و تعالى في سورة الناس: ( قل أعوذ برب الفلق، من شر ما خلق، و من شر غاسق إذا وقب، ومن شر النفاثات في العقد ، و من شر حاسد إذا حسد).
حيث عرف الحسد :
بأنه تمني زوال النعمة عن صاحبها، و قد عرف أناس بمقدتهم على الحسد أكثر من غيرهم، لدرجة وصلت إلى أن يستأجر شخص ما حاسداً يحسد شخص ًآخر يكرهه.
فمن أبشع الأمور التي قد نصادفها داخل حياتنا ربط كل الأحداث المصيرية في العالم سواء الفردية أو المجتمعية بالحسد والعين والسحر والشعوذة! ، وهناك بعض الأمور تحتاج إلى توضيح و علاجٍ جذري وفوري حتى لا تتفاقم الهواجس الخاطئة وتسيطر على أيامنا، أذهاننا مخلفّةً في رؤوسنا شوائب ورواسب تبقى عالقةً أبد الدهر في مخيلتنا ترفض المغادرة، فهمنا الخاطئ للتحذيرات الربانية أو أوامره سبحانه يضعنا في دوامة الحيرة والتساؤلات التي لا تنتهي، وعدم تعمقنا في تحليل وتفسير الآيات القرآنية بالشكل الصحيح يوقعنا في فخ التصرفات غير المقبولة والمبالغ فيها أحياناً.
أن يقف الإنسان مكانه دون حراك خوفاً من حدوث أمرٍ ما هي آفة تقتل وتدمّر المرء دون أن يشعر! ، وهذا ما يحصل تماماً مع الإنسان الذي يعاني من فوبيا الحسد!
حيث يخفي كل تحركاته وأفعاله هرباً من عيون الحاسدين ونظرات أعينهم التي لا ترحم، ويربط كل مصيبةٍ تحل عليه بالحسّاد الأشرار، يُسيّر مركب حياته بناءً على من حوله من البشر، ويتخذ قرارات غبية قد تحرمه لذة الاستمتاع بما وهبه الله له خوفاً من خسارة ما يملك بفعلِ العين أو السحر أو الحسد، يرمي فشله أو فشل أحبابه على كاهل الحاسدين، يراهم شمّاعة يعلّق عليهم خساراته ونكباته، ليلعب دور الضحية ويصورهم على أنهم الجلادّون!
أقرا ايضا:
التدخين يهدد أنوثتك
لا نستطيع ولا يمكننا بل لا يجوز أن ننكر وجود الحسد والغيرة والحقد واللؤم وغيرها من الطباع البشرية المريضة، وليس بوسعنا جزم عدم ثبوت أضرارها ومساوئها على خلق الله أجمعين لأنَّ الحسد ذُكر في كتاب الله في مواضع كثيرة أذكر منها:
“وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ”
وقوله تعالى: “أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا. فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ وَكَفَى بِجَهَنَّمَ سَعِيرًا”.
اقرا ايضا:
أغرب الطرق والطقوس إثارة للاحتفال بعيد الحب
قصص القرآن التي تحدثت عن مخاطر كيد الإنسان لأخيه المسلم مثل قصة يوسف عليه السلام وإخوته، وقصة قابيل وهابيل حيث قتل الأخ أخاه حسداً وغيرة منه، نماذج قصصية كثيرة أوردها الله تعالى في كتابه العظيم ليبين لنا خطورة الحسد على النفس البشرية وكيف تدفع هذه الصفة المذمومة صاحبها إلى ارتكاب الحماقات والجرائم استجابةً لوساوس الشيطان وإشباعاً لإلحاح النفس الأمارة بالسوء.
ولكن وعلى صعيد آخر عندما يحذرنا الله من أمرٍ معين يورد لنا الحل والعلاج! فهو الرحيم بعباده الرؤوف بأحوالهم.. “فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ”، إسلامنا يحثنا على ضرورة قراءة الرقية الشرعية على أنفسنا وأطفالنا والمواظبة على قراءة أذكار الصباح والمساء وتلاوة سورة البقرة، فعندما نتحصن بآيات الله لن يمسنا السوء ولا الشر ولا الأذى، فلماذا كل هذا الخوف والاضطراب والهلع والرجفة.
كل فكرة تسيطر على الإنسان ويخشاها يتشاءم منها سيجني ثمارها المرة بعد حين، الخوف المتواصل من الحاسدين يجعل الكثير من الناس يخشون إظهار نعم الله عليهم! متناسين قوله تعالى “وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ ، وجاء التفسير الحرفي للآية:
أنَّ الله أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يتحدث بنعم الله، فيشكر الله قولا كما يشكره عملا، فالتحدث بالنعم كأن يقول المسلم: إننا بخير والحمد لله، وعندنا خير كثير، وعندنا نعم كثيرة، نشكر الله على ذلك، لا يقول: نحن ضعفاء، وليس عندنا شيء.. لا، بل يشكر الله ويتحدث بنعمه، ويقر بالخير الذي منحه الله إياه، لا يتحدث بالتقتير كأن يقول: ليس عندنا مال ولا لباس.. ولا كذا ولا كذا لكن يتحدث بنعم الله، ويشكر ربه عز وجل.
أقرا ايضا:
الحب الإلكتروني … حقيقة أم أكذوبة؟
والله سبحانه إذا أنعم على عبده نعمة يحب أن يرى أثرها عليه في ملابسه وفي أكله وفي شربه، فلا يكون في مظهر الفقراء، ولكننا مع الأسف نجالس أشخاصاً طوال الوقت يتذمرون من قلة الحيلة وضعف الإمكانيات المادية أو العملية مع أننا نعلم في أعماقنا أنهم يتفوهون بهذا الكلام درءاً للعين والحسد ليس أكثر!
مقولة شهيرة … ميسون السويدان
أنا التي آثرتْ فقرًا على تَرَفٍ .. وما ملكتُ من الدنيا هنا بِيَدي, هي الحياة ثوانٍ لن أضيِّعَها .. حرصًا على المالِ أو خوفًا من الحَسَدِ.