كتبت
علا السنجري
رؤيته على الشاشة تجعلك تشعر أنه والدك أو جَدك دون تفكير ، عرف عنه طيبة القلب المفرطة التي تقطر من نبرات صوته الحنون ، وتطل من عينيه ، وتعلّم منه الكثير الحِكمة التي تنطقها ملامحه ، و حفرها الزمن عليه ، وأكد عليها بعلامة الخبرة والجودة ، لسانه دائما يقول: “ما قلّ ودل”. كان دوما في أدواره رجلاً عجوزاً، وكأنه جاء من السماء كهلاً بلا طفولة أو شباب ليولد “كبيراً” إنه شيخ الفنانين : المبدع الراقي عبد الوارث عسر.. رحمه الله.
عبد الوارث عسر هو بساطة الأداء وتلقائية التصرفات، وطيبة القلب التي انطبعت على وجهه، كان مألوفا ومحبوبا للكثير من الجمهور، بعدما انطلق في تقديم الكثير من الأعمال الفنية المهمة والمتميزة.
إقرأ أيضا
تجاعيد وجهه فرضت عليه البقاء حبيسًا لأدوار الأب والرجل العجوز في الأعمال السينمائية، لم يخرج من هذه الدائرة بعد ما تألق بها ، مما أكسبه شعبية واسعة، خاصة في أفلام «صراع في الوادي» و«إسماعيل ياسين في الأسطول» و«عنتر ولبلب» و«الأستاذة فاطمة»، وغيرها الكثير.
ولد في يوم 16 سبتمبر 1894 بحي الجمالية بالقاهرة ﻷب يعمل محاميا، وهو ما دفعه بالإضافة إلى حبه للقراءة واللغة العربية وتجويد القرآن الكريم للالتحاق بكلية الحقوق.
رغم رغبته في دخول مدرسة الحقوق كوالده الشيخ علي عسر الذي كان محاميًا وصديقًا مقربًا من الزعيم سعد زغلول، إلا أنه لم يفعل لكراهيته أن يتعامل مع السلطات الإنجليزية التي كانت تحتل البلاد في ذلك الوقت.
وبعد وفاة والده ساعده الزعيم سعد زغلول على الالتحاق بوزارة المالية في وظيفة كاتب حسابات التي استقال منها فيما بعد في سن الأربعين للتفرغ للفن.
قضى «عبدالوارث»، 18 عامًا، اكتفى فيها بالتمثيل على خشبة المسرح، متنقلًا بين فرق عدة، بدءًا من «جورج أبيض» ومرورًا بـ«عزيز عيد وفاطمة رشدي» التي قابل فيها مديرها المخرج عمرو وصفي الذي وجهه إلى أداء شخصية الأب، وأخيرًا أسّس فرقة «أنصار التمثيل» مع الراحل سليمان نجيب.
إقرأ أيضا
أول فيلم قام بتمثيله كان “يحيا الحب” مع الراحل محمد عبدالوهاب، وكان تصويره في فرنسا ومن هناك بدأت علاقته بـ”عبد الوهاب” والمخرج محمد كريم قدم بعدها سلسلة أفلام لـ”عبدالوهاب” فكان يكتب السيناريوهات الخاصة بها.
قدّم خلال مشواره أكثر من 300 فيلم ومسرحية وكتب العديد من السيناريوهات، ومن أفلامه “سلامة وعايدة، دموع الحب، يوم سعيد، حب في الظلام، و شباب إمرأة، وصراع في الوادي، والأستاذة فاطمة”.
حاول أن يطور الحركة الفنية في مصر، ودرّس مادة الإلقاء في المعهد العالي للسينما عام 1959، وتولى تدريب الوجوه الجديدة كذلك وألف كتابًا باسم «فن اﻹلقاء»،
جمعته قصة حب مع ابنة خالته ، لتكلل في نهاية المطاف بالزواج، وأنجب منها ابنتان فقط هما “لوتس” و”هاتور” ، و حفيده هو الفنان محمد التاجي .
وبعد وفاة زوجته حزن حزنًا شديدًا عليها ودخل على إثر ذلك المستشفى في شبه غيبوبة كاملة، لمدة 3 سنوات بمستشفى المعادي للقوات المسلحة، وأمر الرئيس محمد أنور السادات بعلاجه على نفقة الدولة، إلى أن وافته المنية في 22 إبريل 1982.
إقرأ أيضا