بقلم / غادة عبدالله
“إن كيدهن عظيم وانتقامهن أعظم” بهذه العبارة ابدا حديثي مؤمنه بأن انتقام المرأة يمكن أن يصل إلى درجة لا يمكن تخيلها فالقصص التي نقرأها كل يوم عن النساء اللاتي انتقمن من ازواجهن، ليست من نسج الخيال فالمرأة هذا الكائن الضعيف العاطفي الناعم يمكن أن يتحول إلى مخلوق مؤذ لا يرحم خاصة عندما تفكر في الانتقام من رجل أساء إلى كيانها ومشاعرها بصورة من الصور ، فمقولة “اتق شر الحليم إذا غضب”، هذا تماماً ما ينطبق على المرأة الغاضبة التي تخرج عن طبيعتها الرقيقة لتوجه للرجل ضربة قاسية لا ينساها بسبب تعرضها للظلم أو الخيانة أو ربما لمجرد الغيرة فقط، قصص كثيرة وغريبة تنقلها وسائل الإعلام بين فترة وأخرى لنساء وصل بهن حد الانتقام أو الغيرة للقيام بأفعال وتصرفات لا تخطر ببال الرجل، لتقول بين قوسين: “احذر أيها الرجل أن تغضب الجنس اللطيف، فقد تطلق الوحش بداخله”.
البعد النفسي والاجتماعي لأنتقام حواء
يعرف الانتقام في الطب النفسي بأنه “رغبة تنتج عن إحباط يؤدي بالتالي إلى عنف داخلي يتمثل في حنق وغضب شديدين يؤرقان صاحبهما ويثيران في داخله ثورة عارمة بحيث يبحث عن منفذ للتعبير عنهما”.
حيث يكون التعبيرعن هذا بشكلين أحدهما صريح والآخر مستتر، والصريح أن يواجه الشخص من تسبب في إحباطه ويسعى للنيل منه وإيذائه على نحو واضح ومباشر ولكن بعض الأحيان يكون الشخص المراد الانتقام منه أقوى وأكثر نفوذاً وسيطرة فيصعب في هذه الحالة التعبير الصريح للانتقام المباشر فيلجأ المرء للانتقام المستتر وهذه هي حيلة الضعيف.
أقرا ايضا:
الروبوتات الجنسية هى المنقذ للحياة الزوجية
فالمرأة في المجتمع الشرقي لا تملك الكثير من مصادر القوة في مواجهة الرجل لذلك نجدها كثيراً ما تلجأ إلى هذا النوع من الانتقام، فتبحث عما يثير غضب وحنق من تود الانتقام منه ولكن دون أن تترك أي دليل مادي يمكن أن تلام عليه.
وهناك مفهوم شائع بشدة بأن المرأة أكثر ميلاً للانتقام من الرجل
حيث يتجلى ذلك واضحاً في العلاقات العاطفية فحين يصيب الرجل والمرأة السويان إحباط في علاقة ما نجد أن الرجل لديه وسائل ومنافذ تكيف أكبر أعطاها له المجتمع، ناهيك عن حرية الحركة والتصرف، مع عدم التقيد ببعض القيم والتقاليد وذلك لمواجهة الإحباط، في حين أن العكس تماماً يحدث مع المرأة التي نجدها متقيدة بالتقاليد، كما أن مساحة الحرية المتاحة لها محدودة جداً وبالتالي لا تجد التنفيس الكامل عن الشحنة الانفعالية العنيفة بداخلها فلا تهدأ لديها الرغبة في الانتقام بينما تهدأ عند الرجل الذي يجد عادة عدة منافذ يستطيع عبرها إخراج شحنة الغضب والإحباط في داخله.
أقرا ايضا:
دول عربية تحتل صدارة قائمة الشعوب الأكثر كسلا فى العالم
اختلاف طابع الرجل عن المرأة
فالرجل يغلب عليه الطابع العملي في تفكيره وأسلوب حياته بينما تتميز المرأة بأنها أكثر عاطفية وانفعالية، لذلك حينما يصيب الرجل الاحباط في علاقة ما، يقوده تفكيره العملي إلى البحث عن وسائل أخرى يتكيف معها، بينما تقع المرأة سجينة عواطفها المحبطة التي تعمل على تأجيج ثورتها الداخلية بصورة مستمرة، الأمر الذي يجعل لديها الرغبة للانتقام كما نلاحظ أن أسلوبها في تعاطيها مع مشكلاتها ينطوي على كثير من التهور والرعونة مما يجعلها تخسر قضاياها في أغلب الأحيان.
الرغبة في الانتقام ودوافع هذه الرغبة من نظرة الطب النفسي وأسبابها:
حيث جاء رأى أحد أطباء الطب النفسي فى ذلك بأن الرغبة في الانتقام ودوافعها لا تعتمد في الأساس على جنس الشخص بقدر ما تعتمد على سمات شخصيته وطبيعته الفطرية، فنجد أن من يتميز بسعة الأفق ورحابة الصدر والقدرة على التسامح والتغاضي عن الهفوات ويملك وسائل متعددة للتكيف مع مختلف المواقف، تتضاءل في داخله الرغبة بالانتقام سواء كان رجلاً أو امرأة وفي المقابل نجد أن من يتميز بضيق الأفق والعصبية والأنانية وغياب العقلانية في الحكم على الأمور هو الأكثر استعداداً من غيره بالانتقام.
وقد أشار أحد الاطباء فى الطب النفسي بأن الانتقام بقدر ما هو صفة سلبية فإنه ضروري لصاحبه أحياناً حتى يستعيد توازنه النفسي، مستدركاً ولا نعني بذلك أن نؤيد المنتقم في ما يفعل ولكن أن نسعى إلى أن نتفهم مدى سيطرة هذا الشعور على بعض الناس حين يصيبهم قهر من الآخرين.
حيث يمكن أن تلجأ المرأة للانتقام من زوجها لأسباب كثيرة
منها..معاملته السيئة لها أو عدم احترامها أو عدم تحمل مسؤولياته كرجل، ولكن الانتقام الأكثر خطورة عندما تكتشف خيانته لها مع امرأة أخرى، لذلك من المهم منح المرأة الفرصة للحديث والفضفضة، لأن في ذلك تنفيس عن غضبها وارتياح لنفسيتها وانفراج لحالات الغضب والحزن داخلها حتى لا تختزن وتتراكم وتولد الانفجار، إلا أن الأمر يتوقف على درجة وعي وتفهّم واستيعاب الرجل الذي أمامها، فإذا منحها الفرصة والوقت الكافيين للحديث والفضفضة والبوح، وكان مصغياً مستمعاً متعاطفاً متفهماً، استطاع أن ينتشلها من أثر موجات الارتفاع في حدة ودرجة الغضب التي لا تحمد عقباها، أما إذا سخر أو تجاهل أو أمعن في الهروب ولم يعتذر، فإن الانتقام سوف يكون على قائمة ردود أفعالها.
أقرا ايضا:
المتزوجون الأكثر سعادة أم العزاب؟؟
للمرأة أساليب دهاء ومكر كثيرة، وأنه مهما بلغ حبها وعاطفتها وطيبتها يمكن أن تتحول إلى وحش كاسر بغيض، وبالطبع ليس كل النساء والمرأة الزوجة يمكن أن يتحولن أيضاً إلى عدو، بل حتى الأولاد الذين من صلب الرجل يتحولون أيضاً، حيث قال تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوّاً لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ” ، ولذلك ينصح علماء النفس بضرورة استيعاب المرأة واحتوائها وعدم تجاهل المشاكل معها لتحل نفسها بنفسها، لأن صمتها وغضبها المكبوت وحزنها الصامت له عواقب وخيمة جداً تنعكس سلباً وتخرج في فعل بسيط ربما لم يتوقع رد فعلها منه بذلك العنف، والحقيقة أن مثير رد الفعل مجموعة تراكمات، وكان ذلك الموقف أو المشكلة أو الحدث هو بمثابة القشة التي قسمت ظهر البعير.