سعد جلاب
يقول الجاحظ أن الصديق الصدوق ثاني النفس وثالث العينين !
في جملة الجاحظ أعلاه يتلخص المعنى الحقيقي للصداقة الحقيقية، بصرف النظر عن صداقة الرجل للرجل او المرأة للمرأة او الرجل للمرأة والعكس. الصداقة الحقيقة غير محددة بجنس بشري أو بعمر أو عرف مجتمعي،،، فالصداقة هي مفهوم و سلوك وحاجة روحية للإنسان بدون قيد او شرط، فهي أطهر من ان تحدد في إطار الجنس والنوع الاجتماعي، وحتى أنها لا تشترط القواسم المشتركة بقدر اشتراطها التفاهم المتبادل والثقة المتبادلة والإتفاق رغم الإختلاف، و هي ليست لفظا يمر علينا والسلام، انما هي روح حقيقة تنبض، خُلقت جراء امتزاج قيم الوفاء والعطاء، الصدق والسخاء، فنتج عنهما تلك الروح المليئة بالحب.
فكل فرد منا يحتاج إلى كائن آخر يشاركهُ تفاصيل حياته، وهذا الكائن ليس الأب او الأم ، ولا الأخوة والأخوات ولا الأقارب ولا حتى الحبيب شريك الحياة وإنما هو إنسان اخر ، هو الصديق الذي يضمد جرحنا المنسي بصورة مباشرة او غير مباشرة، الذي نعترف له بأسرارنا وأخطائنا، احلامنا وأهدافنا ونجاحاتنا، هو كالظل اذن، هو اول من يفرح لك من قلبهِ عندما تبلغهُ إعجابك بأحداهن، فيشجعك على اتخاذ خطوة إيجابية. الصديق او الصداقة هي أعظم فسحة لراحة الإنسان وتنفيس همومه وكربه ، جراء ما يعانيه من عذاب الحب تارة ومن تحديات الحياة بمفاصلها الأخرى تارةٍ أخرى، لكن للاسف الشديد كثيرون ممن أعطى قيمة منقوصة عن جميع هذه القيم النبيلة للصداقة سواء من خلال تصرف او سلوك معين، خصوصا تلك التي تجمع الرجل بالمرأة ولأسباب كثيرة ومعروفة لدى الجميع لا اريد الخوض فيها وسأركز على الجانب الإيجابي الذي يتوسط جوانب سلبية كثيرة بداعي الأعراف المجتمعية المنسوبة للدين او المنتمية للفكر الضيق الدوني الذي ينتج بالمحصلة من ارهاصات الأنا التي بلورتها الطبيعة الديموغرافية ونظام العيش المفروض في منطقة الشرق الأوسط “العراق خصوصا” من جانبه فأن نجاح الصداقة بين الرجل والمرأة وهو الشيء الذي يهمني من كتابة هذا المقال ، يجب ان يكون مبنيا على اعتمادها الكلي على اعلى درجات الوعي وسمات الخلق والرقي البشري و تحتاج ايضا إلى ثقافة مجتمع وليس ثقافة فردية، لأن هذه الحالات الفردية لن تخلوا من التحديات والنقد الهدام التي ابرزها ردة فعل المحيط إزاء علاقة الرجل بالمرأة كصديقين!.