كتب/خطاب معوض خطاب
“ياسين” طفل عمره لا يتعدى 7 شهور عثرت عليه إحدى السيدات داخل حفرة مغطاة بالحشائش وورق الأشجار بين المقابر، وعلى الفور سلمته هذه السيدة للشرطة التي أسفرت تحرياتها عن أن أم الطفل هي من حاولت التخلص منه بسبب ظروفها المعيشية ولأنه لا تستطيع الإنفاق عليه.
هذا الخبر تناقلته بعض المواقع والصفحات وانتشر بسرعة كبيرة في معظم الجروبات، وسارع الجميع باتهام الأم بالقسوة، وبأنها مجرمة بل ووصفها البعض بالكفر لمحاولتها قتل طفلها الرضيع.
اتهم الجميع “أميرة” أم “ياسين” دون أن يحاولوا معرفة حقيقة ماحدث، والحقيقة أن “أميرة” البالغة من العمر 26 عاما، مريضة نفسيا وتعاني من ظروف قاسية حيث أنها بلا مأوى ولا أهل، وتعمل بائعة للمناديل نهارا في إشارات المرور، وتأوي للمقابر فتقضي هناك ساعات الليل، وفي الوقت الذي رأفت بحالها الحيوانات الضالة لم يرحمها الآدميون، فكانوا يترصدون لها كل ليلة حتى إذا أوت للمقابر تناوبوا نهش جسدها المنهك من العمل طوال النهار واعتدوا عليها، وهي تكاد لا تدرك ما يفعلون بها بسبب ضعف عقلها بعد إصابتها بالمرض النفسي.
حملت “أميرة” بابنها “ياسين”، وولدته وهي لا تدري من أبوه من كثرة الوحوش الآدمية الذين انتهكوا جسدها واعتدوا على آدميتها، وهكذا جاء “ياسين” إلى الدنيا، طفلا مجهول النسب وأمه مريضة نفسيا لا مأوى لها ولا أهل.
وقد قيل إنها حاولت أن تعطيه لسيدة أخرى لكي تربيه بدلا منها، وقيل إنها خططت لدفنه حيا، وقد تحرر بالواقعة المحضر رقم 1787 بنيابة الزهور والمناخ ببور سعيد، والآن الطفل “ياسين” تم التحفظ عليه كما تقرر إيداعه دار الرعاية والطفولة، أما الأم فقد تم توقيفها للتحقيق معها.
وهكذا تم حل مشكلة “ياسين” الطفل البريء الذي جاء إلى الدنيا وهو لا يعرف لنفسه أبا، وبقيت مشكلة الأم “أميرة” بلا حل، فلم تجد لنفسها مأوى حتى الآن عله ينقذها من الوحوش الآدمية التي تنتظرها كل ليلة في المقابر ليشبعوا رغباتهم منها، وهكذا سنصبح في انتظار طفل آخر يعيد نفس المأساة التي عاشها الطفل البريء “ياسين”.
والسؤال الآن هو كم يوجد بيننا من أمثال “أميرة” وابنها “ياسين” ونحن لا ندري عنهم شيئا؟!