نحنُ نعيش اليوم في وقتٍ، وزمانٍ صّعْبٍ؛ وفِّتِنٍ يُصبحُ الحليمُ فيها حيراناً!؛ حيثُ نري، ونسمع عن كثير من الناس يتيهون في الأرض حيارى، مّظَلوُمين، ومجروحين؛ حتي تقرحت جراحهمُ فأدمت سويداء قُلوبهم الطيبة!؛ وقد عّبَّسَتْ الدنيا في وجوههم، في أيام نحسٍ مُّستَمِر .
ولقد غرقت بعض المُجتمعات العربية في بحر لجي بين طيات، ودوامات دهاليز الساسة، والسياسة، والأحزاب، والخلافات التي تعصفُ بالأمة العربية، والإسلامية، فجعلت بعضهم كأعجاز نخلٍ خاوية!؛ والغالبية تّسب، وتلعن وتلوم الزمان، والبعضُ يلومُ الأخر؛ وكُلٌ يُغني علي ليلاهْ؛ وفرقهْ تتلوها فُرّقّةْ، ولا أحد يعترف بّخَطِئه، وَهّمٌ وغمٌ وصراعات، ليس لها من دون الله كاشفة!؛ ولا يريد أحد التنازل لأخيهِ، ولو كان أبن أمهُ وأبيهِ!؛ أو من فصيلتهِ التي تّؤُوِيه!…
ويتعرض خيرة ابناء الشعوب العربية من خيرة النخب المثقفة، والمتعلمة، والطليعة، لحوباً كبيراً، وغالباً ما يضيعُ حقهُم لفترةٍ ربما تكون وجيزة أو طويلة، ولكن الباطل والظلم إلي زوال، وعواقبهُ وخيمة؛ ولابد للحق أن يعلو ولا يُعلى عليهِ. وعلي الرغم من اتساع رقعة الفساد، والشر، والأشرار اليوم، وقلما تجد الرجل المُناسب في المكان المناسب!!؛ وتشتد الدنيا علي كثير من الشرفاء والشريفات، والصالحين والصالحات، وتضيقُ عليهمُ الدنُيا بما رحُبتْ، فّتَّعِصُرهُمُ عّصراً، فيصابون بقروحٌ تتلوها قروح، ليمُحصْ اللهُ الذّينْ ٱمنوا منهُم، وليعلم الصابرين، وليجزل لهمُ الأجر، والثواب، علي كل ما سبق من قروح، ومحنْ وجروح، وتأتي المّنِحَ الربانية من بعد الَمِّحَن، وخاصةً لمن كان يّبحِرْ في أعمال الّبِر، والخير، والصالحات ، ويمشي بين الناس جابراً للخواطر، فلن يُضيعهُ الله أبدًا؛ ومهما كان العسر شديداً؛ فإن الُّيسر، وبشريات الخير قادمة للصابرين، قال رسول الله ﷺ (صنائع المعروف تقي مصارع السوء، والصدقة خفيْا تطفئ غضب الرب، وصلة الرحم زيادة في العمر، وكل معروف صدقة، وأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة، وأهل المنكر في الدنيا هم أهل المنكر في الآخرة، وأول من يدخل الجنة أهل المعروف)؛ فإذا ابتُّليِتْ فّثِّقْ بالله واّرِضْ به، فإن الذي يكشف البلوى هو الله، وإن النصر مع الصبر،، وبشر الصابرين بخيري الدُنيا والأخرة، وإن بعد حلكة الليلٍ البهيم، لابد من بِزُوغِ الفجر.
الأديب الكاتب والباحث والمفكر العربي والمحلل السياسي
الأستاذ الدكتور/ جمال عبد الناصر محمد عبد الله أبو نحل
عضو إتحاد المدربين والصحفيين، والُّكُتاب والأدباء والمثقفون العرب
الأستاذ والمحاضر الجامعي غير المتفرغ بالجامعات الفلسطينية
رئيس المركز القومي لعلماء فلسطين
dr.jamalnahel@gmail.com