كتب خطاب معوض
تبدلت أمينة المفتي تماما، فلم تعد هي نفسها الفتاة القادمة من الشرق، والتي وإن كانت تكره التخلف وترنو إلى الحرية والتحرر، إلا أنها كانت وقت وصولها إلى فيينا عاصمة النمسا تتسم ببعض من بقايا خجل الفتاة الشرقية وتفكيرها وروحها وعقلها، أما اليوم فقد أصبحت وكأنها فتاة أخرى لا تهوى إلا كل ما ينتمي إلى الغرب المنحل فكرا وروحا وتصرفات هي أقرب لبنات الهوى.
وهكذا تقلبت أمينة المفتي في عدد من العلاقات الشاذة مع عدد من الفتيات بعد رحيل فتاتها الأولى “جولي باتريك” حتى استقرت على صديقتها وزميلتها الجديدة “سارة بيراد” التي يعمل والدها موظفا في إدارة الوثائق بفيينا، ويعمل أخوها طيارا حربيا بسلاح الجو النمساوي، وأخذت سارة بيراد في تعليم أمينة المفتي اللغة الألمانية بإجادة، وذلك ما أفادها في دراستها كثيرا، والأهم أن سارة أصبحت تشبع رغبات صديقتها المحرمة أكثر وأكثر.
والغريب أن أمينة المفتي علمت بعد فترة من علاقتها بصديقتها وزميلتها سارة بيراد أنها يهودية، والأكثر غرابة أن أمينة المفتي هذه الفتاة العربية الأردنية لم تتأثر بما علمت بل إنها خاطبت صديقتها قائلة: “يا عزيزتي إن ما بيننا من صداقة أقوى من كل شيء، فإن كنت أنت يهودية غير متدينة فأنا أيضا أكاد لا أعرف عن الإسلام شيئا”.
وهكذا غرقت أمينة المفتي أكثر وأكثر في ملذاتها وفي إشباع رغباتها المحرمة، وفي نفس الوقت حصلت على بكالوريوس علم النفس الطبي بتقدير متوسط، ولكن ما أصابها بالاكتئاب هو أن أيامها بأوروبا أصبحت قليلة ويتحتم عليها العودة إلى بلادها بعد حصولها على شهادتها، والسؤال هو كيف تعود إلى بلادها وهي أصبحت غريبة عنها، فلم يعد لها رغبة في العودة إلى الأردن ومجرد ذكرها أمامها أصبح يصيبها بالاكتئاب.
وبالفعل عادت أمينة المفتي إلى الأردن وفرحت أسرتها بمقدمها، وأصبحوا يتباهون بأن ابنتهم أصبحت تحمل شهادة في تخصص جديد ونادر على مستوى العالم، وأخذ والدها يلح عليها في الزواج من ابن عمها الذي يكبرها كثيرا، إلا أنها صدمت لأنها لو وافقت ستضيع كل أحلامها في التحرر وستصبح مكبلة بقيود التخلف والرجعية حسب تفكيرها، لذلك كانت تماطل بحجة أنها تريد استكمال تعليمها العالي والحصول على الدكتوراه.
وحاولت أمينة المفتي ووالدها التواصل مع الجامعة بالأردن لكي تلتحق بها وتستكمل دراستها العليا بها، ولكن فشلت جميع المحاولات لأنها تحمل شهادة في تخصص جديد وغير موجود في أي جامعة عربية، ولكي تستكمل دراستها العليا يجب عليها العودة لأوروبا مرة أخرى، وهو ما جعل أمينة المفتي تتهلل وتنفرج أساريرها.
ولكن هل يوافق والد أمينة المفتي على تأجيل زواجها وسفرها لأوروبا مرة أخرى؟ هذا ماسنعرفه في الحلقة القادمة بإذن الله فانتظرونا.