كتب/خطاب معوض خطاب
وبينما أمينة المفتي تجلس بجوار سائق السيارة غارقة في اضطرابها وبولها، إذا بها تسمع صوت أحد الجنود الموجودين خلفها يحث السائق على زيادة سرعته لكي يلحقوا الأعداد الكبيرة من الجرحى الذين يحتاجون إسعافا فوريا، عندها أفاقت مما هي فيه وسألت الجندي عن الأمر، فأخبرها أن الجيش الإسرائيلي قد قام بقصف معسكرا فلسطينيا بالقرب من مخيم عين الحلوة في صيدا، ولأن هناك عجزا كبيرا في الأطباء المتطوعين فقد دلهم على مكانها مكتب الأمن الفلسطيني.
وعندها استجمعت أمينة المفتي شجاعتها وصرخت في الجندي الذي خاطبهها داخل المقهى ووصفته بالغباء، ثم قالت لهم: “أهكذا تستدعون ضيوفكم؟”، وأقسمت أن تقوم بتقديم شكوى للزعيم ياسر عرفات شخصيا، وعندما توقفت السيارة عند عيادة مخيم “شاتيلا” لم تنتبه أمينة المفتي لاعتذار الجنود إليها بل طلبت منهم أن ينزلوا من السيارة ثم يستدعوا لها ممرضة من العيادة، وعندما جاءتها الممرضة طلبت منها أن تأتيها بملابس نظيفة وبطانية، ووضعت الممرضة البطانية على زجاج السيارة بينما استبدلت أمينة المفتي ثيابها، ثم انطلقت بأقصى سرعة لتداوي جراح المصابين الموجودين داخل عيادة المخيم.
وأخبرت أمينة المفتي الأمير الأحمر علي حسن سلامة _الذي قدم لها نفسه على أنه رجل الأعمال الفلسطيني كمال ياسين_ بما حدث لها، ووصفت له معاناتها النفسية بسبب أسلوب اقتيادها اللا إنساني، وهكذا نجت الجاسوسة عميلة الموساد مما ظنته نهايتها، وأكملت مسيرتها وتحركاتها لجلب المعلومات، ونجحت في تجنيد أصدقائها “مانويل عساف” و”مارون الحايك” و”خديجة زهران” للعمل مع الموساد، وهكذا وبعدما كانت تستقي منهم المعلومات كمصادر لها، أصبحوا يعملون معها مكونين شبكة تجسس تعمل للموساد من داخل الأراضي اللبنانية.
وكانت أمينة المفتي تتحصل على المعلومات التي تقدمها لجهاز الموساد بطرق مختلفة، فمثلا كانت تحصل على معلومات عن طريق عملها كطبيبة داخل المخيمات الفلسطينية، حيث وثق فيها الفدائيون وكانوا يتحدثون أمامها عن خططهم لضرب إسرائيل، وأحيانا أخرى كانت تحصل على المعلومات عن طريق الشبكة التي كونتها، وأحيانا كانت تحصل على المعلومات عن طريق بعض الضباط الفلسطينيين الذين أقامت معهم علاقات جنسية، وبينما هم يستمتعون بما تقدمه لهم من فنون الجنس والإغراء كانت تستدرجهم ويخبرونها بتفاصيل دقيقة ومهمة عن أبرز العمليات الفدائية التي يخططون للقيام بها.
وهكذا تحصلت أمينة المفتي على الكثير من المعلومات عن تحركات الفدائيين الفلسطينيين وتنظيماتهم وخططهم المستقبلية، فكانت إسرائيل تترصد لهذه العمليات، وتقضي على الفدائيين وتقتل منهم العشرات، ولا تكتفي بهذا بل كانت بعد كل عملية فدائية ورغم قضائها عليها إلا أنها كانت تنتقم انتقاما شديدا، وذلك بضرب معسكرات الفلسطينيين داخل الأراضي اللبنانية.
وتمر الأيام بأمينة المفتي في لبنان، وتؤدي عملها على أكمل وجه، وفي إحدى جلساتها مع الأمير الأحمر علي حسن سلامة الذي يلقاها كأحد رجال الأعمال وأخبرها أن اسمه كمال ياسين، إذا بهذه الجاسوسة عميلة الموساد تخطئ خطأ فادحا لا يغتفر، وذلك أنها وسط حديثها معه سألته عن أولاده وعن صحتهم، وبينما لم تنتبه هي لخطئها الفادح قام هو بتوجيه رجاله إلى ضرورة التحري عنها ومعرفة كل التفاصيل المحيطة بعملها.
وبالطبع فإن رجل مخابرات محنك مثل الأمير الأحمر علي حسن سلامة يتذكر جيدا أنه لم يتحدث مطلقا عن حياته الشخصية أمام أمينة المفتي، هو فقط قدم لها نفسه كرجل أعمال فلسطيني ولم يذكر لها شيئا عن حياته الأسرية، ولم يذكر أمامها يوما هل هو متزوج أو لديه أولاد، إذا لماذا تسأل عن أولاده، وتساءل في نفسه عمن تكون هذه السيدة الجالسة أمامه؟ وبسبب حسه الأمني العالي فقد بدأ علي حسن سلامة يشك في أمينة المفتي ولذلك فإنه طلب ضرورة التحري عنها.
ووسط كل هذه الشكوك جاءه خبر من أوروبا زاد من هذه الشكوك وأكدها، فما هو هذا الخبر الذي أتى من أوروبا وزاد من الشكوك حول أمينة المفتي، هذا ما سنعرفه الحلقة القادمة بإذن الله فانتظرونا.